بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية
سلط تقرير صحفي، نُشر اليوم السبت، الضوء على إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مقاطعته للانتخابات المقبلة، مقارناً بين المواقف المشككة في هذا الموقف وبين المخاوف التي أبرزتها مواقف أخرى من غياب التوازنات وتأثيرها على العملية السياسية والمشهد العام في البلاد.
التقرير نشرته صحيفة العالم الجديد بعنوان: مقاطعة الصدر للانتخابات المقبلة.. بين «التشكيك» والمخاوف من “غياب التوازنات”
نص التقرير:
يستمر الجدل في العراق حول القرار المفاجئ لرئيس التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر، بمقاطعة الانتخابات المقبلة “في ظل وجود الفاسدين”، لاسيما وأنه قبل أسابيع قليلة دعا أنصاره إلى تحديث سجلاتهم الانتخابية وتعزيز المشاركة في الانتخابات، وسط تساؤلات متزايدة بشأن انعكاسات هذا القرار على مستقبل البلاد.
وشككت جهات رسمية، اليوم السبت، باستمرار مقاطعة التيار الوطني للانتخابات في ظل المتغيرات السياسية المقبلة، وسط مخاوف من غياب التوازن السياسي في البلاد.
وكان زعيم التيار الوطني مقتدى الصدر، قد أعلن انسحابه من العملية الانتخابية في انتخابات 2021، ثم شارك وفاز بالمرتبة الأولى وقرر الصدر لاحقا الانسحاب من تشكيل الحكومة.
في أواسط حزيران يونيو 2022، وافق رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، على استقالة 73 نائباً يمثّلون الكتلة الصدرية في البرلمان، بناءً على توجيه الصدر لأعضاء كتلته بتقديم الاستقالات إلى رئاسة البرلمان، على خلفية الانسداد السياسي بتشكيل الحكومة حينها، قبل أن يقرر اعتزال العمل السياسي في 29 آب أغسطس 2022.
وقال عضو تيار الحكمة فهد الجبوري في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “تغيرات سياسية كثيرة ستحصل خلال الفترة المقبلة، ولا يمكن الجزم من عدم مشاركة التيار الوطني الشيعي في الانتخابات المقبلة”، مبينا ان “التيار الصدري (التيار الوطني الشيعي) جزء اساسي ومهم من الوضع العراقي ومن البيت الشيعي خاصة ولديهم قاعدة شعبية وجماهيرية كبيرة لابد ان يتم تمثيلها في مجلس النواب والحكومة المقبلة”.
وأضاف أن “الامر متروك للتيار الصدري في قراره”، موضحا ان “سنوات مضت دون مشاركة التيار الصدري ولكن التأثير الكبير لم يكن واضحا من ناحية عدم مشاركتهم
وبين انه “منذ بداية تشكيل حكومة السوداني او الاطار وعند انسحابهم من مجلس النواب في حينها حاولت القوى السياسية ومنها تيار الحكمة عبر تصريحات اعلامية وحديث وجهه السيدعمارالحكيم في الاعلام انه لابد من العدول عن هذا القرار والمشاركة في العملية السياسية وتمثيل قواعدهم الشعبية والمجتمعية وهي قواعد كبيرة”.
وتابع “لا اعتقد ان قوى الإطار سوف تذهب نحو اعادة او اقناع بعض الشخصيات الصدرية لأغراض العودة الى العمل السياسي فهذا الأمر متروك للتيار”، موضحا انه “لم نصل الى مرحلة المناقشات، لكن مشاركة التيار ضرورية ولا توجد مشكلة لدينا ولدى قوى الإطار في مشاركتهم من عدمها”.
إلى ذلك، أعلن النائب في مجلس النواب، يوسف الكلابي، بيان تلقته “العالم الجديد”، “مقاطعته للإنتخابات المقبلة”، مبينا أنه “أمضى أكثر من خمس سنوات في عضوية لجنتي النزاهة والمالية النيابيتين، ساعيا إلى تشريع قوانين جوهرية لمكافحة الفساد وكشف ملفات بمليارات الدولارات، إلا أن ما وصفها بـ”منظومة المحاصصة والحماية الممنهجة للفاسدين” أجهضت كل تلك الجهود”.
وأكد الكلابي دعمه وتأييده لموقف زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر في “رفض الفساد والدعوة إلى الإصلاح الجذري الحقيقي”، مشددًا على أن “استمرار الانتخابات في ظل هذا الواقع الفاسد لن يؤدي إلا إلى إعادة إنتاج الأزمات ومفاقمة معاناة المواطن”.
واعتبر أن مقاطعة الانتخابات المقبلة “ليست موقفًا سلبيًا، بل وسيلة ضغط سياسية”، تهدف إلى دفع القوى الحاكمة نحو تبني إصلاحات حقيقية، رافضًا “منح الشرعية لنظام لا يمثل تطلعات الشعب”.
وشدد الكلابي في بيانه على أن “الفساد كان المحرك الأساس للحرب الطائفية، ودخول الإرهاب عام 2014، وانتشار المخدرات، وقتل العراقيين بالمفخخات”، مؤكدًا أن “محاربته باتت واجبًا وطنيًا لا يقل أهمية عن الجهاد ضد الاحتلال أو الإرهاب”.
كما أشار إلى إمكانية اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي والمنظمات الأممية، في حال استمرار تجاهل المطالب الشعبية، عارضًا فكرة طرح “القضية العراقية” دوليًا لوضع حد لما وصفه بـ”الفساد المستشري”.
وفي ختام بيانه، دعا الكلابي إلى “إصدار وثيقة عهد وشرف سياسي تُلزم جميع المسؤولين بالمحاسبة واسترداد الأموال المنهوبة”، وتكون بمثابة خارطة طريق للإصلاح السياسي والاجتماعي.
من جهة أخرى، قالت السفيرة الفنلندية لدى بغداد انو ستريلا، إنه “يتعين على العراق اجراء انتخابات تشريعية منظمة إذا أراد إحراز تقدم في شتى المجالات”، مبينة أن “أولويات التنمية والتعليم والاستثمار”، فيما أعربت عن أملها “إجراء الانتخابات المقبلة بشكل منظم وجيد”.
من جانبه، دعا رئيس الكتلة التركمانية النيابية أرشد الصالحي، زعيم التيار الوطني مقتدى الصدر إلى التراجع عن قراره بالمقاطعة والمشاركة في العملية السياسية، فيما أكد الصالحي، أن “غياب التيار الوطني الشيعي عن الانتخابات لا يخدم العراق، بل يسهم في بقاء المحاصصة التي تُضعف الإرادة الوطنية”.
من جهتها، رأت رئيس الكتلة الكردستانية فيان صبري، أن “عدم مشاركة الصدر في الانتخابات سيؤثر بنسبة كبيرة على العملية السياسية، اذ ان الكتلة الصدرية ضرورية للتوازن واصلاح العملية السياسية وبعد مخرجات الانتخابات وجودهم ضروري في السلطة التنفيذية والتشريعية خاصة ان الكتلة الصدرية معروفة بمركزية وقوة قرارها”.
في غضون ذلك، طالبت النائب سروة عبد الواحد، الصدر، بالعدول عن قراره بشأن عدم المشاركة في الانتخابات”، مشددا على أنه “لا توجد عملية سياسية سليمة في ظل غياب الصدريين”.
كما أكد رئيس تحالف دعم الدولة النيابية مرتضى الساعدي، أن “وجود الكتلة الصدرية في العملية السياسية مهم ويمنح إيقاعا للعملية السياسية سواء داخل البرلمان او مجلس الوزراء”، مشيرا الى ان “التيار الصدري يمتلك قاعدة شعبية كبيرة لها دور أساسي في العملية السياسية”.
ودعا القوى الدينية والسياسية الى “المتابعة الفعلية والتوسط من خلال القيادات للتدخل في معالجة الموضوع كون مشاركة التيار الصدري مهمة جداً في الانتخابات المقبلة”.
وكان زعيم التيار الوطني مقتدى الصدر، أصدر ليل أمس الأول الخميس، بياناً مكتوباً تابعته “العالم الجديد”، ضمن ردّ على سؤال أحد أتباعه في ما يتعلق بالانتخابات، قائلاً:”ليكن في علم الجميع، ما دام الفساد موجوداً، فلن أشارك في أي عملية انتخابية عرجاء، لا هم لها إلا المصالح الطائفية والحزبية، بعيدة كل البعد عن معاناة الشعب وعما يدور في المنطقة من كوارث، كان سببها الرئيس هو زج العراق وشعبه في محارق لا ناقة له بها ولا جمل”.
وأضاف:”إنني ما زلت أعول على طاعة القواعد الشعبية لمحبي الصدريين في التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري)، لذا فإني كما أمرتهم بالتصويت، فاليوم أنهاهم أجمع من التصويت والترشيح، ففيه إعانة على الإثم”، متسائلاً:”أي فائدة ترجى من مشاركة الفاسدين والبعثيين والعراق يعيش أنفاسه الأخيرة، بعد هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة على كل مفاصله؟”.
ويرى مراقبون أن إعلان الصدر عدم خوض الانتخابات المقبلة من شأنه أن يُحدث فراغًا سياسيًا داخل البيت الشيعي، ويفتح الباب أمام قوى أخرى لإعادة رسم خارطة التوازنات، في وقت يمر فيه العراق بتحديات داخلية معقدة تتطلب حضورًا سياسيًا قويًا ومؤثرًا.
ويعتقد متابعون أن غياب التيار الصدري عن المنافسة الانتخابية القادمة، سيعيد تشكيل الخريطة السياسية في العراق على نحو غير مسبوق، لا سيما أن التيار كان يشكل ثقلاً نوعيًا داخل البرلمان، فضلاً عن تأثيره الشعبي والاجتماعي الواسع، ما سيمنح أطرافًا أخرى الفرصة لملء هذا الفراغ، خصوصًا تلك المتحالفة ضمن الإطار التنسيقي الذي يتطلع لتعزيز نفوذه.
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، الأربعاء الماضي، أن أكثر من 29 مليون عراقي يحق لهم التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المتوقع إجراؤها في نهاية العام الحالي.
وبحسب قانون الانتخابات، يجب إجراء الانتخابات التشريعية قبل 45 يوماً من انتهاء الدورة البرلمانية، ولهذا من المتوقع أن تجري انتخابات مجلس النواب المقبلة في أواخر تشرين الثاني نوفمبر المقبل، لكن لغاية الساعة لم يُحدَّد لها أي موعد من الحكومة العراقية ولا مفوضية الانتخابات المستقلة.
يأتي هذا في ظل الحديث المتزايد عن إمكانية تأثر العراق بتحولات المنطقة، خصوصاً مع استمرار الضغوط الأمريكية على طهران، ويميل الكثير من المراقبين المحليين إلى الاعتقاد أن أي “هزة” أو تصدع قد يصيب المؤسسة الحاكمة في إيران خلال الأشهر القليلة المقبلة سيكون له تأثير واضح على طبيعة التحالفات السياسية العراقية، وربما على شكل النظام السياسي نفسه.
وكان الأمين العام لحزب وطن يزن مشعان الجبوري، قد كشف في 19 آذار مارس الجاري، عن التحالفات الانتخابية المقبلة، مبينا أن رئيس التيار الوطني مقتدى الصدر لن يشارك في الانتخابات، فيما أكد أن الصدر هو الوحيد القادر على إسقاط النظام السياسي الحالي.
وتثير إمكانية عودة زعيم التيار الوطني الشيعي عن قراراته السابقة هواجس حقيقية لدى أغلب القوى الشيعية الممسكة بزمام السلطة، نظرا إلى ما للرجل من شعبية وقدرة على تجييش الشارع واستمالة الناخبين وهو ما تأكّد عمليا خلال الانتخابات الماضية التي حصل فيها على عدد كبير من مقاعد البرلمان، وما منعه آنذاك من تشكيل الحكومة هو تحالف أبناء عائلته السياسية ضدّه وائتلافهم في تكتل مضيّق هو الإطار التنسيقي وآخر موسّع هو تحالف إدارة الدولة الذي ضمّ إلى جانب الأحزاب والفصائل الشيعية أحزابا سنية وكردية.
يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.
لايوجد تعليق