العالم الجديد: تفاوت “التحديث” بين الجنوب والغربية قد يعيد تشكيل الخارطة السياسية

9

بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية

استند تقرير صحفي، إلى ما أعلنته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، من نسب لتحديث سجلات الناخبين، في قراءة المشهد السياسي المقبل، حيث تشير بيانات المفوضية، وفقاً لمراقبين، إلى تصاعد الرغبة بالمشاركة في الانتخابات في المحافظات الغربية، مقابل تراجع واضح في محافظات الجنوبية.

التقرير نشرته صحيفة العالم الجديد، بعنوان (عزوف “الجنوب” وحماس “الغربية”.. هل يُعيد “التحديث الانتخابي” تشكيل الخارطة السياسية؟).

نص التقرير:

في ظل تحديث منخفض لسجلات الناخبين بمحافظات الوسط والجنوب، ترتفع نسبتهم لدى المحافظات الغربية، الأمر الذي عدّه مراقبون رغبة “سنية” وعزوفا “شيعيا” عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، بسبب الإحباط في الجغرافيا الجنوبية، لسوء الخدمات وغياب التغيير الفعلي، مقابل مساعي القوى السنية لاستثماره في تعزيز تمثيلها البرلماني، لكن مراقبين آخرين، قللوا من أثر ذلك التفاوت، وأكدوا أن الأصوات الانتخابية محسومة سلفا، عازين إطلاق هذه الأفكار إلى محاولات تحفيز الناخبين طائفيا على المشاركة.

ويعزو الباحث في الشأن السياسي مجاشع التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، تراجع نسبة تحديث بيانات الناخبين في المحافظات الجنوبية، إلى “تداخل عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية، فالعزوف الشعبي الشيعي يعكس حالة إحباط وفقدان ثقة عميقة بالعملية السياسية، خاصة بعد قمع احتجاجات تشرين، وغياب التغيير الفعلي”.

ويضيف التميمي، أن “الفاعل السياسي الشيعي فشل في تحقيق منجز ملموس، إذ يعاني المواطن في الجغرافيا الشيعية من أزمات حادة، أبرزها تدهور قطاع الكهرباء، وتفاقم أزمة الجفاف، والبطالة المتزايدة، والفقر المستشري، ما جعل الحياة اليومية أكثر قسوة، ودفع الجمهور إلى الشعور بعدم جدوى المشاركة الانتخابية”.

وكشفت وثيقة صادرة عن مفوضية الانتخابات، بشأن نسبة تحديث بيانات الناخبين في كل محافظة، عن تصدر بغداد بقرابة 360 ألفا، تليها نينوى بـ237 ألفا، وأربيل 116 ألفا والأنبار 88 ألفا وصلاح الدين 90 ألفا، فيما تراوحت أرقام محافظات الوسط والجنوب بين 20– 30 ألفا، باستثناء البصرة التي سجلت 90 ألفاً.

كما يشير إلى أن “السلوك السياسي لبعض الفواعل الشيعية، القائم على إطلاق الشعارات وتقديم مصالح المحور الإيراني على المصالح الوطنية، ساهم في تعميق القطيعة بين الشارع والطبقة السياسية، وأفقد الناخب الحافز للتحديث أو التصويت”.

وفي المقابل، يؤكد التميمي، أن “بعض القوى السنية تتحرك بذكاء استراتيجي لتحديث بيانات ناخبيها، مدفوعة برغبة في تعزيز التمثيل واستثمار الانكفاء الشيعي”، لافتاً إلى أن “ما يحدث هو تفاعل بين عزوف ناتج عن فشل داخلي شيعي، وتحرك سني محسوب نحو فرص سياسية جديدة”.

وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أمس الأربعاء، أن أكثر من مليون و600 ألف ناخب حدثوا بياناتهم استعدادا للانتخابات المقبلة في شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وشهدت المحافظات السنية وأكبرها الموصل والأنبار ارتفاعا في نسب تحديث البيانات في مقابل تراجع كبير لمحافظات الوسط والجنوب التي تقطنها أغلبية شيعية.

كما سجّلت مفوضية الانتخابات في محافظة الأنبار ارتفاعا في معدلات تحديث البيانات وتسجيل الناخبين الجدد، حيث بلغ عددهم أكثر من 36 ألفاً، وفقا لأحدث الإحصاءات.

من جهته، يرى المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “وجود عدة زعامات وشخصيات مؤثرة في الشارع السياسي السني كان له أثر في تحديث البيانات والرغبة في المشاركة، وربما يأتي هذا الحماس كردة فعل تجاه العقوبات التي طالت رموزاً سنية كرئيس البرلمان محمد الحلبوسي وإقصائه عن رئاسة البرلمان في الدورة الحالية، والسياسي خميس الخنجر الذي أُبعد سابقا بداعي اجتثاث البعث وغيرهم”.

ويجد جودة، أن “المتغيرات الإقليمية لا يمكن أن تستبعد، لاسيما التغيير في سوريا الذي قد يعيد آمال بعض القوى السنية لتصدر المشهد السياسي في العراق، مدفوعة بتجربة مجالس المحافظات الماضية، حين حصل حزب تقدم الذي يتزعمه الحلبوسي، على مرتبة متقدمة في الانتخابات”.

أما الشارع الشيعي، فيعتقد جودة أنه “غاضب على سياسييه ويعتبرهم فاشلين ومخفقين، لاسيما في محافظات الوسط والجنوب التي تشهد تراجعا كبيرا في الخدمات”، معتقدا أن “تشهد المقاعد النيابية تغييرا في التمثيل السني، وفي قادم الأيام سيتضح ذلك أكثر مع هبوط مليارات الدنانير إلى الشارع لدفع جمهورهم إلى التصويت”.

وفي الانتخابات المحلية الماضية، حصل حزب “تقدم” بزعامة الحلبوسي على المرتبة الأولى في بغداد بأكثر من 132 ألف صوت، متفوقا على ائتلاف نوري المالكي الذي حصد نحو 130 ألف صوت، لكن فوز الحلبوسي، وبالرغم من المفاجأة التي شكلها لقوى الإطار التنسيقي، لم يكفه ذلك لتشكيل المجلس المحلي، لأن القوى الشيعية كان بإمكانها تشكيل تحالف كبير لمواجهته.

أما المحلل السياسي نزار حيدر، فيجد أن الأصوات الانتخابية محسومة سلفا، وهي مقسمة حسب المكونات، ومن ثم داخل كُل مكون على القُوى السياسية، قد تزيد أو تنقُص إلا أنها تبقى محسومة سلفا فلا أحد يأكل من جرف الآخر سواء على مستوى المكونات أو القوى والتحالفات الانتخابية”.

ولذلك، يشير حيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “أصوات التيار الصدري إذا ما أصر زعيمه مقتدى الصدر على مُقاطعة الانتخابات سوف لن تذهب لأحد لا بعناوين القوى السياسية الشيعية ولا بغيرها من العناوين لبقية المُكونات”.

ويضيف: “أما الضجة الإعلامية التي يُثيرُها البعض في العاصمة بغداد إثر قرار الصدر عدم خوض الانتخابات، وكون ذلك سيُرجح كفة السنة على حساب الشيعة، فإن ذلك غير صحيح، لأن الغرض منه بث الرعب في نفوس الناس لتحفيزهم على المُشاركة في الانتخابات، وكل هذا في إطار النسبة المُتدنية للمُشاركة التي من المُتوقع لها أن تقل عن 20 بالمئة”.

ويردف: “أما النسبة الأكبر وهي نسبة المقاطعين، فهي كذلك تشمل كل المكونات وكل القوى السياسية وكل المحافظات، فالمقاطعة لا تقتصر على مُكون دون آخر، وأن أرقام ونسب المُشاركات في الانتخابات الماضية دليل واضح على ذلك، سواء في الانتخابات النيابية الأخيرة أو في الانتخابات المحلية”.

لايوجد تعليق

Leave a Reply