بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية
حذر تقرير صحفي، من مخاطر تصاعد الخطاب الطائفي في حملات بعض المرشحين، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة،فيما أشار إلى أن الاستقطاب المذهبي لا يزال حاضراً بقوة في تشكيل التحالفات والقوائم الانتخابية.
التقرير نشرته صحيفة المدى، بعنوان (الطائفية الانتخابية.. قناع الفشل السياسي في سباق البرلمان).
نص التقرير:
في ظلِّ استعدادات الكتل السياسية العراقية لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، يبرز مجددًا الجدل حول الخطابات المستخدمة من قبل المرشحين، خاصة ما يتعلّق بتصاعد الخطاب الطائفي، الذي ظل – وفق مراقبين – وسيلة سريعة لكنها خطيرة للنفوذ السياسي، وتهديداً مباشرًا لوحدة المجتمع العراقي.
ومن المقرر إجراء الانتخابات النيابية العامة في موعد أقصاه 25 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، حيث يُلزم القانون الالتزام بموعد إجرائها قبل 45 يومًا من انتهاء ولاية الدورة البرلمانية الحالية.
ورغم أن هذه الانتخابات تمثّل سادس دورة برلمانية منذ الغزو الأميركي للعراق، فإن أغلب المؤشرات تؤكد استمرار اعتماد جميع التحالفات السياسية على البعد الطائفي والمذهبي في تشكيل قوائمها وتحالفاتها، مع بروز انقسامات جديدة داخل المكوّنات السياسية نفسها، وتحديداً لدى الكتل الشيعية والسنيّة، وبدرجة أقل بين القوى الكردية. وفي وقت سابق، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مشاركة 118 حزبًا و25 تحالفًا سياسيًا و18 قائمة حزبية، في حين لا يزال 60 حزباً و11 تحالفًا في طور التأسيس.
وأشار عضو مجلس النواب ثائر الجبوري، إلى “أن بعض المرشحين يلجأون إلى الخطاب الطائفي عندما يفتقرون للمؤهلات الحقيقية التي تمكّنهم من كسب ثقة الجمهور”.
وفي حديثه لـ (المدى) أوضح الجبوري: “المرشح حين يتّخذ خطوة الترشح يُفترض أن يعتمد على ملفات يتقبّلها المجتمع، مثل كفاءته العلمية، وانحداره من أسرة فاضلة، أو خبرته في مجال تخصّصه، إضافة إلى وطنيته الصادقة”، مضيفًا أنه “عندما لا تتوفّر هذه الصفات في المرشح، فإنه يلجأ إلى طريق بديل مقيت، وهو الخطاب الطائفي”.
وأكد أن هذا النوع من الخطاب، رغم ما يحمله من ضرر على السلم الاجتماعي، “نجح في فترات زمنية سابقة، وتمكّن من جمع عدد من المؤيدين، وغالبًا ما يكون هؤلاء من فاقدي الدين والوطنية”، مشدداً على أن “من يختار هذا الطريق هو شخصية فارغة، ويجسّد فعليًا أفكار المحتل داخل العراق”.
من الطائفية السياسية إلى الطائفية الانتخابية
الخطاب الطائفي في العراق ليس ظاهرة طارئة، بل هو جزء من إرث ما بعد 2003، حين تكرّست المحاصصة السياسية والطائفية كآلية لتوزيع المناصب، مما أدّى إلى تسييس الهويّات الفرعية (الطائفية، العرقية، القبلية) على حساب الهوية الوطنية الجامعة.
لكن في السنوات الأخيرة، وخصوصًا بعد تراجع الثقة بالطبقة السياسية، بدأ الخطاب الطائفي يُستخدم بشكل أكثر وضوحًا كأداة انتخابية، في محاولة لاستعادة الزخم الشعبي المفقود، حيث يلجأ بعض المرشحين إلى بثّ الخوف من الآخر، وخلق انقسام وهمي بين المكوّنات، بهدف ضمان تأييد جماهيري مبني على الانتماء لا على الكفاءة، بحسب مراقبين.
الطائفية غطاء لفشل البرامج
من جانبه، يرى الباحث في الشأن السياسي، مجاشع التميمي، أن هذه الظاهرة ليست جديدة، بل متجذّرة في أساليب بعض السياسيين الذين يفتقرون إلى برامج حقيقية ويعتمدون على استثارة العواطف الطائفية كأداة للبقاء في المشهد السياسي.
وفي حديثه لـ”المدى”، أكّد التميمي أن “الخطاب الطائفي يُعدّ وسيلة سريعة وفعّالة لتعبئة الجمهور، خاصة في البيئات التي تعاني من ضعف الثقافة السياسية وانعدام الثقة بالمؤسسات”، مبيّناً أن “بدلًا من تقديم سرديّات قائمة على الإنجاز والخدمة العامة، يتم استغلال الانتماء الهويّاتي لتحشيد الأصوات”.
ويضيف أن “غياب البرامج الانتخابية الجادّة يدفع العديد من المرشحين إلى استخدام الطائفية، عوضًا عن طرح خطط لتحسين قطاعات التعليم، الصحة، وفرص العمل”، لافتاً إلى أن “الخطاب الهويّاتي أقلّ كلفة معرفيًّا ويؤجّج العواطف بسرعة”.
التميمي أشار إلى أن “السياسيين الذين يختارون هذا المسار لا يفعلونه عن قناعة بالطائفية، بل لأنها وسيلة مضمونة للبقاء ضمن المعادلة السياسية، حتى وإن كان ذلك على حساب وحدة المجتمع وتقدّمه”.
ويختتم حديثه بالتأكيد على أن “مشكلة الطائفية في السياسة ليست دينية، بل سياسية – نفعية بحتة، والمرشح الذي يستغل هذا المسار هو في الواقع يُقرّ بفشله المهني والأخلاقي”.
لايوجد تعليق