2225 مرشحة في انتخابات 2025.. مرشحات يواجهن الهيمنة الذكورية (تقرير صحفي)

16

بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية

قدم تقرير صحفي، مراجعة تاريخية وسياسية، لطبيعة تمثيل المرأة ومشاركتها في الانتخابات والعملية السياسية، منذ ما بعد العام 2003، كما سلط الضوء على ما تواجهه المرشحات للأنتخابات النيابية المقبلة من صعوبات.

ووفقاً للتقرير، فأن تجربة التمثيل النسوي، اقتصرت خلال أكثر من 20 عاماً، على ” أصوات خافتة وحضور باهت، وقضايا في ذيل الأولويات”.

التقرير نشرته صحيفة المدى، بعنوان (مرشحات يواجهن الهيمنة الذكورية.. أحزاب لا تؤمن بالنساء وحملات بلا مضمون!).

نص التقرير:

رغم كل الشعارات البراقة عن تمكين المرأة، لا تزال السياسية العراقية تدفعها إلى الهامش، وتختزل مشاركتها داخل صناديق الكوتا، دون أن يُفتح أمامها طريق حقيقي للتأثير أو اتخاذ القرار، أكثر من عشرين عاماً على تجربة التمثيل النسوي في البرلمان، والنتيجة: أصوات خافتة، حضور باهت، وقضايا المرأة ما زالت في ذيل الأولويات.

تقول مرشحات وناشطات إن المشكلة لم تعد فقط في القوانين أو الأعراف الذكورية التي تُهيمن على الأحزاب، بل في منظومة كاملة تسجن المرأة في دور رمزي، وتمنع عنها أدوات التأثير الحقيقي. أما الحملات الانتخابية للمرشحات، فغالبًا ما تفتقر للحد الأدنى من الاحتراف، وتبدو في كثير من الأحيان، كما لو كانت مصمّمة لتكريس الصور النمطية، لا كسرها.

بلغ عدد المرشحات لانتخابات مجلس النواب لعام 2025 نحو 2225 مرشحة من أصل 7927 مرشحًا ومرشحة، وهو ما يُعد تطورًا كميًا ملحوظًا مقارنة بالانتخابات السابقة، ورغم أن هذا الرقم يعكس تحسنًا في المشاركة النسوية من حيث الكم، إلا أنه يفتح الباب لتساؤلات حول مدى فعالية هذا الحضور في إحداث تأثير نوعي داخل البرلمان، ومدى قدرة المرشحات على تحويل هذا التقدم العددي إلى تمثيل حقيقي لقضايا النساء والمجتمع عمومًا.

أكدت السياسية والمرشحة للانتخابات القادمة عواطف رشيد، أن تمثيل “المرأة في العمل السياسي لا يجب أن يُقاس بجنس النائب، بل بمبادئه ووعيه بدوره الرقابي والتشريعي. وأضافت أن تجربة الكوتا النسوية في العراق، رغم مرور أكثر من عشرين عامًا على تطبيقها، لم تُفضِ إلى تمثيل حقيقي وفاعل لقضايا المرأة، مشيرة إلى أن “تلك القضايا ما زالت مهملة من قبل غالبية النائبات والنواب على حد سواء”.

وتضيف رشيد لـ” المدى”، أن “القضية لا تتعلق بكون النائب امرأة أو رجلاً، بل بمقدار إخلاصه وفهمه لدوره التشريعي. ما زالت المرأة العراقية محرومة من صوت حقيقي في البرلمان، وخصوصًا فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية والمساواة في الفرص”.

وحول دوافعها لخوض السباق الانتخابي، قالت رشيد إنها “تخوض التجربة للمرة الثانية، بدافع الإيمان بضرورة مشاركة المرأة على قدم المساواة مع الرجل في الحياة السياسية. وأشارت إلى أن هدفها يتمثل في تعزيز دور المرأة داخل البرلمان، وتفعيل الرقابة على التشريعات الخاصة بحقوق الإنسان، لا سيما الفئات المهمشة”.

وأضافت: “أسعى للتأثير في السياسات العامة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأرى أن العراق بحاجة ماسة إلى معالجة التحديات الاستراتيجية مثل التغير المناخي، والتغيير الديموغرافي، والأمن الإنساني”.

في تقييمها لتمثيل المرأة ضمن القوائم الحزبية، كانت رشيد صريحة، إذ اعتبرت أن الأحزاب العراقية لا تؤمن بدور المرأة، بل تستخدمها لسد الفراغ الذي تفرضه الكوتا النسوية. وأكدت أن “الأحزاب ذكورية بامتياز، ولا تحترم عقل المرأة أو كفاءتها، غالباً ما يكون دور النساء داخل الأحزاب هامشياً”، معبرةً عن أسفها “لقبول الكثيرات منهن هذا الوضع دون مقاومة”.

أما عن الصورة النمطية التي تربط السياسة بالرجال، فقد اعتبرتها رشيد “نظرة غير محترمة، تؤدي إلى إقصاء النساء المؤهلات من المشهد السياسي. “رأيت رجالًا في مواقع القرار لا يفقهون أساسيات السياسة. يعتمدون على شخصية القائد، ويتعاملون معه كمدير، لا كقائد يمتلك رؤية واستراتيجية، وهذا ما يعمق أزمة الأداء السياسي في العراق”.

تحدثت رشيد أيضاً عن أزمة ثقة الشباب بالعملية السياسية، معتبرة أن هذا الإحباط مبرر نتيجة لتراكم الفشل السياسي”، لكنها ترى أن “تمكين الشباب وفتح الأفق أمامهم يمثلان الخطوة الأولى لاستعادة ثقتهم”.

“لا ألوم الشباب لكن بناء شخصياتهم يبدأ من منحهم فرصاً حقيقية في التعليم والعمل والانفتاح على العالم، ويجب أن نوجههم نحو العقل التنويري، بعيداً عن الانغلاق والجمود”.

وتوافقاً مع ما طرحته عواطف رشيد حول ضعف التمثيل الحقيقي للمرأة داخل البرلمان، ترى الدكتورة طاهرة داخل طاهر، وهي ناشطة حزبية ومرشحة أيضاً للانتخابات القادمة، أن “المرأة تمتلك القدرة على تمثيل قضايا أساسية تمسّ المجتمع بشكل مباشر، وعلى رأسها ملفات المرأة والطفولة والتعليم، التي تحتاج إلى حساسية سياسية واجتماعية لا تتوفر بالضرورة في أغلب التجارب الذكورية داخل المؤسسة التشريعية”.

وحول دوافع ترشحها في هذا التوقيت، تؤكد طاهر لـ”المدى”، أن “المرحلة الحالية تمثّل لحظة تحول في المشهد السياسي العراقي، وأن التغيير الذي يلوح في الأفق لا بد أن تكون للمرأة فيه شراكة فعلية، لا مجرد حضور رمزي”، وتقول: “أجد أن العراق ذاهب إلى تغيير فعلي في خريطته السياسية على صعيد الكتل والفصائل والكيانات، ويجب أن يكون لنا دور تشاركي في هذا التغيير”.

وتختلف طاهر قليلاً عن رشيد في رؤيتها لتمثيل المرأة داخل القوائم الانتخابية، إذ تعتقد أن “المشاركة النسوية الفعالة تبدأ من إيمان المرأة بدورها الحقيقي، وليس فقط من ضغوط الكوتا أو الرأي العام، مضيفة: “التمثيل يجب أن ينبع من شعور المرأة بأهمية مشاركتها السياسية، حينها فقط يكون حضورها حقيقيًا ومؤثراً”.

أما في مواجهة النظرة التقليدية التي تربط العمل السياسي بالرجال، فتؤمن طاهر بأن “إبراز التجارب النسوية السابقة وتسليط الضوء على الإنجازات والفاعلية التي أظهرتها المرأة في مراحل سابقة، هو السبيل لتجاوز هذه النظرة، مؤكدة أن “المؤهلات السياسية والنشاط المدني كفيلان بتفكيك تلك الصور النمطية التي ما زالت تلاحق المرأة حتى في الانتخابات”.

وفيما يتعلق بثقة الشباب، تشير إلى أن “المصداقية والواقعية في البرامج والوعود الانتخابية هي مفتاح استعادة الشباب لدورهم في العملية السياسية. تقول: “الصدق في طرح البرامج، والمصداقية في حجم الوعود التي يُطلقها المرشح، هما الأساس في إقناع الشباب، لا العبارات الطنانة”.

تقول آيات علي، باحثة سياسية، إن “ضعف التمثيل النسوي في الحياة السياسية العراقية لا يرتبط فقط بالعقبات الهيكلية داخل الأحزاب أو سيطرة الذهنية الذكورية على القرار السياسي، بل يتعدى ذلك إلى غياب الوعي الجماعي بأهمية وجود نساء مؤهلات وقادرات على التأثير في صناعة القرار”، محذرة من أن “العديد من التجارب النسائية تحولت إلى حضور شكلي يخدم الكوتا أكثر مما يخدم قضايا النساء”.

وأضافت علي لـ” المدى”، أن “المرأة تُدفع غالباً إلى الترشح من أجل سد الفراغ الذي تفرضه الكوتا أو لتفاخر أصحاب الأحزاب بوجود النساء والشباب، لا عن قناعة بقدرتها أو رغبة في تمكينها. ولهذا، فإن كثيراً من المرشحات لا يحصلن على دعم حقيقي، لا من الأحزاب ولا من المجتمع، ويجدن أنفسهن معزولات في معركة انتخابية غير متكافئة، بينما يتم منح الرجال مساحة أكبر للدعم”.

وأشارت إلى أن “هذا الضعف ينعكس حتى في مستوى الدعاية الانتخابية الخاصة بالمرشحات، التي تفتقر في كثير من الأحيان إلى الاحترافية أو الرسائل السياسية الواضحة، مؤكدة أن بعض الحملات النسوية تُبنى على رموز استهلاكية لا تعبر عن وعي سياسي أو مشروع انتخابي”. وقالت: “من المؤسف أن نرى مرشحة شابة تستخدم العباءة كوسيلة دعائية، بل استغلت ردود الأفعال لتروج لنفسها بشكل سلبي، وكأن الهدف هو تعزيز صورة نمطية عن المرأة بدلًا من كسرها. هذا لا يخدم المرأة، بل يعيدها خطوات إلى الوراء”.

وأضافت بالقول إن “تمكين النساء في السياسة لا يمكن أن يكون مجرد شعار، بل يتطلب إرادة حقيقية، وإعداداً مهنياً، واستثماراً في وعي الناخبات والناخبين على حد سواء”، مشددة على أن “التغيير لن يأتي من الصدفة، بل من النساء القادرات على تحدي الثقافة السائدة وتقديم بدائل حقيقية”.

لايوجد تعليق

Leave a Reply