بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية
سلط تقرير صحفي، الضوء، على تزايد نشاط بيع البطاقات الانتخابية، خلال الفترة القلية الماضية، فيما أشار إلى ارتفاع أسعار البطاقات، خصوصاً في الأنبار، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة، على الرغم من تأكيدات المفوضية، بعدم جدوى بيع تلك البطاقات.
التقرير نشره موقع الجبال، بعنوان (بورصة” بطاقة الناخب ترتفع في الأنبار: شراء مع إتلاف “سيم كارتات”.. واتهامات لحزب الحلبوسي)
نص التقرير:
مع اقتراب موعد كل انتخابات برلمانية أو محلية في العراق، يكثر اللغط حول عملية الاقتراع، ومدى نزاهتها، فضلاً عن تحرك الكتل والأحزاب، بهدف الحصول على بارقة أمل، تمكّنهم من “تزوير” النتائج، والحصول على عدد أكبر من المقاعد. ويبدو أن عملية “شراء” البطاقات الانتخابية للناخبين، زادت خلال موسم التحضير لانتخابات البرلمان العراقي المقرر أن تجرى في الـ 11 من تشرين الأول من العام الحالي.
وفي الأيام القليلة الماضية، أبدت قوى وشخصيات سياسية، مواقفها بالمقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية، مستندة إلى جملة أسباب من بينها التشكيك باستقلالها أو عدم قدرتها على منافسة الأحزاب النافذة في البلاد.
ولم تقتصر المخاوف التي قد تسهم في الإطاحة بشرعية الانتخابات النيابية، على القوى والشخصيات السياسية، بل تعدت ذلك لتشمل رجال دين، إذ أفتى خطيب وإمام جامع أبي حنيفة، عبد الوهاب السامرائي، بحرمة بيع بطاقة الناخب، داعياً في الوقت ذاته، السلطات الأمنية، إلى مكافحة ظاهرة برزت مؤخرا في العاصمة بغداد والمتمثلة برهن تلك البطاقات مقابل أموال.
وترتفع أسعار بطاقات الناخب الالكترونية تدريجياً في “بورصة” شراء الأصوات في العراق، كلما اقترب موعد الانتخابات، حتى وصل سعر الواحدة إلى 400 دولار، رغم تأكيدات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في 4 حزيران/ يونيو الماضي، أنه لا قيمة لبطاقة الناخب دون صاحبها وأصابعه العشرة.
وفي الأنبار أكبر المحافظات السُنيّة في العراق، يكثر الحديث عن وجود حراك سياسي تقوده الأحزاب المتنفذة والحاكمة هناك، بهدف شراء بطاقات الناخب، وخاصة في المناطق الريفية.
سماسرة وفرق جوالة.. ما قصّة إتلاف الـ”سيم كارتات”؟
في الأنبار، حذّر القيادي في تحالف “عزم”، أركان خلف الطرموز، مما وصفه بـ”انتشار عملية شراء بطاقات الناخبين” في مناطق شرق الأنبار، وخاصة “المجر، العنكور، الطاش، الصوفية، البو غانم”، وغيرها من مناطق المحافظة.
وأوضح في حديثه لمنصّة “الجبال”، أن “هناك سماسرة يتبعون الأحزاب الحاكمة في الأنبار، شكّلوا عدة فرق جوالة، لتقوم بالتحرك داخل أقضية ونواحي المحافظة، وتستغل وضع الناس المادي، لتشتري منها البطاقات الانتخابية بمبالغ زهيدة جداً”.
وأضاف، أن “الأمر الآخر هو أن هؤلاء السماسرة، وبتوجيه من قادة حزبهم، يتجولون في المناطق التي تعدّ مناطق لنفوذ مرشحين آخرين، حيث يقومون بشراء البطاقات الانتخابية من سكنة تلك المناطق، ويقومون بإتلاف (السيم كارت)، لتكون بعدها بطاقات غير صالحة، وبهذا يضمنون عدم وجود جماهير لمنافسيهم من الأحزاب الأخرى”.
وتكشف معظم المؤشرات التي يطرحها مراقبون، إلى تراجع المشاركة في الانتخابات، بسبب حالة الاستياء الشعبية والإحساس بصعوبة التغيير في النظام السياسي، لا سيّما أن الأحزاب تتمسك بمبدأ المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية في إدارة الدولة.
نداء للمفوضية والأجهزة الأمنية
من جانب آخر يرى القيادي في تحالف “الأنبار”، محمد دحّام، أن شراء البطاقات الانتخابية، هي واحدة من وسائل تغيير إرادة الناخب، والتي تؤثر سلباً على سمعة الانتخابات وهيبتها، والعمل الديمقراطي بشكل عام.
ولفت خلال حديثه لمنصّة “الجبال”، إلى أن “هذه القضية يمكن الحدّ منها، من خلال تفعيل دور الأجهزة الأمنية، وإنزال أقصى العقوبات بمن يقوم بمثل هذه الأفعال، وإحالتهم إلى القضاء، وكذلك يجب أن تكون هنالك إجراءات صارمة من قبل المفوضية ضد الأحزاب والكتل التي تقوم بعملية الشراء”.
وأشار إلى، أن “بقاء هذه الحالة مستشرية بهذه الطريقة، سوف تفقد عملية الاقتراع هيبتها، ويجب أن تكون هنالك إجراءات صارمة من قبل الأمن الوطني، كون ما يقومون به جريمة منظمة، يجب أن يحاسب عليها القانون”.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، قد حذرت من القيام ببيع وشراء البطاقات البايومترية للانتخابات البرلمانية المقبلة، مهددة باتخاذ “عقوبات رادعة ضد المخالفين”، منها استبعاد المرشحين وكذلك التحالفات والأحزاب التي يثبت عليها الفعل.
ليس غريباً على المشهد الانتخابي
وجاء في بيان صادر عن مجلس المفوضين بالمفوضية، أنه “نظراً لقرب موعد إجراء انتخاب مجلس النواب العراقي 2025، تود المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن تبين للرأي العام ولجميع المعنيين بالشأن الانتخابي، أنها تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوث أية خروقات تهدد سلامة العملية الانتخابية، ونعلم الجميع بأن عملية بيع أو شراء بطاقات الناخبين البايومترية أو الشروع بهذا الفعل، واستغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية، هي من الجرائم الانتخابية التي يعاقب عليها القانون (سواء كان المخالف ناخباً أو مرشحاً أو تحالفاً أو حزباً سياسياً)”.
إلى ذلك يؤكد الباحث في الشأن السياسي مهند الراوي، أن عملية شراء بطاقات الناخب لم تكن غريبة على المشهد الانتخابي، وحصلت في انتخابات 2014، و2018، و2021، وتم إلقاء القبض على عدد من “السماسرة” في الأعوام الماضية.
وأوضح في حديث لمنصّة “الجبال”، أن “شراء البطاقات الانتخابية يحصل حالياً وبكثرة في مناطق الأنبار، وهذا مؤشر خطير على نزاهة الانتخابات، وعلى المفوضية، والجهات الأمنية والقضائية، أن تتخذ إجراءات رادعة، ومنها منع الجهة السياسية التي تقوم بهذه الأفعال من الترشح للانتخابات المقبلة”.
وأردف بالقول إن “هناك جهات سياسية متنفذة تقوم بهذه الأفعال، مستغلة ثقلها وقوتها في إدارة المحافظة، بهدف شراء أكبر عدد من البطاقات الانتخابية، والتأثير على نزاهة الاقتراع”.
البطاقة بين 50 – 100 ألف دينار.. ما علاقة حزب الحلبوسي؟
عضو تحالف “الأنبار المتحد”، عبد الحميد الدليمي، كان قد أشار إلى أن حزب “تقدم”، افتتح بورصة شراء بطاقات الناخبين في فترة مبكرة تحضيراً للانتخابات البرلمانية المقبلة.
وقال الدليمي في تصريحات صحافية تابعتها “الجبال”، إن “بورصة شراء بطاقة الناخب من قبل بعض المرشحين في حزب تقدم الذي يتزعمه رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي ارتفع من 50 ألف دينار إلى 75 ألف دينار ومن المتوقع ارتفاع سعر البطاقة الواحدة إلى أكثر من هذه القيمة عند اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة”.
وتأتي هذه التحذيرات في وقت تستعد فيه القوى السياسية لخوض انتخابات مفصلية، تُعد اختباراً حاسماً لإرادة التغيير في المناطق المحررة. ومع بروز قوى سنية جديدة تتحدى الهيمنة التقليدية، تبدو الأنبار ساحة محتدمة مبكراً، حيث لم تبدأ الحملات الانتخابية رسمياً بعد، فيما بدأت أساليب النفوذ بالتحرك على الأرض.
في السياق ذاته حمّل الباحث في الشأن السياسي عبد الله الفهد، الحزب الحاكم في محافظة الأنبار، المسؤولية عن عملية شراء بطاقات الناخب، “كونه يستخدم موارد الدولة، وإمكانيها”.
وقال الفهد في حديثه لـ “الجبال” إلى إن “الحزب الحاكم يخشى من صعود أحزاب وقوائم أخرى جديدة، كونه يعتبر الأنبار ملكاً خاصة به، ويريد أن يحصل على 80% من عدد مقاعدها، لذلك يسعى بكل الوسائل التي تمكنه من تحقيق هذا الأمر، بما فيها شراء بطاقات الناخب، وتزوير الانتخابات”.
وتابع، أن “مزاد شراء بطاقات الناخب في الأنبار قد بدأ قبل 3 أشهر، من خلال فرق جوالة، ومنظمة، ومرتبطة بالحزب الحاكم، مهمتها، جمع أكبر عدد من البطاقات، وسعر البطاقة الواحدة كان 50 ألف دينار، لكنه ارتفع في بعض المناطق إلى 100 ألف دينار، ومع اقتراب موعد الانتخابات متوقع أن يصل إلى 300 ألف دينار، وهذا يشرح عملية الفساد واستخدام المال العام، لغرض تزوير إرادة الناخب”.
ولفت إلى، أن “مفوضية الانتخابات أمامها تحديات كبيرة، للحدّ من عمليات تزوير الانتخابات، وفرض العقوبات الرادعة، على من يقومون بهذه الأفعال، لعدم تكرار ما حصل في السنوات الماضية”.
ويسيطر حزب “تقدم” برئاسة محمد الحلبوسي، على المشهد السياسي والإداري في محافظة الأنبار، وهو ما جعل العديد يطلقون على الأنبار بـ”الجمهورية الإدارية”، لكن مع انطلاق الحملات الانتخابية المبكرة لانتخابات البرلمان العراقي المقرر إقامتها في تشرين الثاني من العام الحالي، فإن عدة تحالفات وأحزاب قد دخلت السباق وبقوة، أبرزها تحالف “عزم” برئاسة مثنى السامرائي، وتحالف “السيادة” برئاسة خميس الخنجر، فضلاً عن تحالفات أخرى.
لايوجد تعليق