خاص: معركة “قانون الانتخابات”.. صراع الإرادات يبدأ قبل الحسم الانتخابي!

4

بغداد – شبكة أخبار الانتخابات العراقية

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في العراق يعود الجدل السياسي إلى الواجهة حول قانون الانتخابات وإمكانية تعديله، وبينما تواصل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استعداداتها لإجراء الاقتراع، تنقسم القوى السياسية حول شكل النظام الانتخابي الأنسب، ما يعكس صراعاً عميقاً بين الأحزاب الكبرى حول آليات توزيع السلطة والتمثيل الشعبي.

وفي ظل هذه التجاذبات، يبرز دور زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، في الدفع نحو تغييرات تعزز نفوذ الأحزاب التقليدية، وسط تساؤلات حول مدى تأثير هذه التحركات على فرص رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني.

ومن المقرر أن يجري العراق انتخابات تشريعية بحلول تشرين الأول / أكتوبر أو تشرين الثاني – نوفمبر 2025، وسط جدل بشأن القانون الحالي، إذ تتباين الآراء داخل الأوساط السياسية حول إمكانية تعديله من عدمه.

في (آذار/ مارس 2023)، صوّت مجلس النواب على تعديل قانون الانتخابات، وهو التعديل الثالث، وذلك قبيل إجراء انتخابات مجالس المحافظات وشمل في القانون الانتخابات التشريعية لمجلس النواب العراقي أيضاً.

وعقدت الرئاسات الثلاث، خلال شهر كانون الثاني الماضي، اجتماعاً بحثت فيه جملة ملفات، أبرزها كانت الاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية لسنة 2025 ووجوب توفير المستلزمات اللوجستية والفنية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.

استعدادات وتوقيتات لإجراء الانتخابات

وفي غضون ذلك، أكدت الناطق الرسمي باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة الغلاي، أن المفوضية الحالية ستتولى تنفيذ انتخابات مجلس النواب المقبلة، وذلك بعد تصويت مجلس النواب في 13 كانون الثاني 2025 على تمديد عمل مجلس المفوضين لمدة عامين إضافيين حتى نهاية.

وأوضحت الغلاي، في حوار خاص مع شبكة أخبار الانتخابات العراقية، أن “مشاركة المراقبين الدوليين ووكلاء الأحزاب والإعلاميين أمر محسوم في جميع العمليات الانتخابية السابقة والمقبلة، حيث تُعدّ مشاركتهم ضرورية لضمان الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية”.

وحول الانتقادات التي تواجهها المفوضية بعد كل انتخابات، أشارت الغلاي، إلى أن “مجلس المفوضين يتكون من قضاة، والانتخابات التي أُجريت، سواء لمجلس النواب الحالي أو لمجالس المحافظات أو انتخابات إقليم كردستان، شهدت لها دول العالم والعالم العربي بالنزاهة والشفافية”.

ومنذ العام 2003 شهد العراق تشريع 6 قوانين انتخابية الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.

يذكر أن مجلس النواب العراقي أصدر في العام 2014 قانوناً جديداً للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو وفق نسبة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييراً في انتخابات 2018 الذي شهد تعديل جديد على القانون، وجرى اعتماد نسبة 1.9.

في حين شهد العام 2020 تغييراً كبيراً في القانون استجابة لمطالب المتظاهرين في حينها، إذ اعتمد على الأكثرية بدلاً من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية.

المالكي يقود جهود التعديل

وعاد الحديث عن تعديل القانون بعد أن فجر نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، (آب/ أغسطس 2024)، مفاجئة مؤكداً وجود صفقة “إطارية – رئاسية” يجري العمل عليها لتعديل قانون الانتخابات وتحجيم شعبية رئيس الحكومة محمد شياع السوداني انتخابياً.

وفي خضم أزمة القانون، خرج رئيس الوزراء العراقي الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، في لقاء تلفزيوني، قائلاً إن “الخطط المتعلقة بنظام الدوائر الانتخابية لم تحظَ بعد بتوافق شامل، سواء بالنسبة للدائرة الواحدة أو الدوائر المتعددة”.

وتابع المالكي حديثه بالقول “لا يوجد أي اتفاق حول هذه الأمور، لا الدائرة الواحدة ولا الدوائر المتعددة، ولا حتى حول النسب مثل 20:80 أو 10:90 كما يريدها البعض، لكن حسب قراءتي للأجواء في البرلمان، والأحاديث التي ينقلها لي نوابنا، يبدو أن الأكثرية تميل إلى تبني نسبة 10:90”.

وأضاف إن “الأحزاب المنضبطة والمنظمة ستستفيد أكثر من هذه النسب بسبب قدرتها على توجيه الأصوات بشكل مركز”، مبيناً أن “الأحزاب الحزبية المنضبطة والملتزمة هي التي تأخذ المقاعد، لأنهم يوجهون الناس بالتصويت لمرشحيهم في المناطق المحددة، فبعض الجهات تخاف من هذا النظام، لذلك يفضلون تقليل النسبة إلى 10% فقط، حتى لو كان هناك 33 مقعداً، الأحزاب المنضبطة تأخذ 20 مقعداً، ويتبقى 13 مقعداً للتنافس عليها بين الآخرين”.

سبق وأن نفت اللجنة القانونية النيابية (16 تشرين الثاني – نوفمبر 2024)، المعلومات التي تحدثت عن وصول مسودة جديدة لقانون الانتخابات إلى مجلس النواب، لافتة إلى أن هذا الأمر يمكن أن يطرح ما بعد انتهاء العطلة التشريعية، أي بداية السنة القادمة.

لا قانون جديد على أرض الواقع

وفي تصريح صحفي، كشف عضو مجلس النواب عن تحالف “الإطار التنسيقي” مختار الموسوي، عن عدم وجود أي اتفاق على شكل أو صيغة التعديل المُراد على قانون الانتخابات، والحديث ما زال داخل أروقة الاجتماعات السياسية بين مختلف القوى، ولم يثمر عن أي شيء.

وأضاف، إن “خطوة تعديل قانون الانتخابات في العراق تدعمها أطراف سياسية محددة، وليس جميع القوى، وحتى الإطار التنسيقي، إذ إن فيه أطرافاً مع الخطوة وأخرى ضدها، وكل جهة سياسية لديها رؤية تختلف عن الأخرى فيما يخص فقرات القانون”.

ولا يزال قانون الانتخابات العراقي محور نقاش سياسي وقانوني، في ظل تصريحات متباينة حول إمكانية تعديله قبل انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات المقبلة، وعلى الرغم من الحديث المتداول عن وجود مساعٍ لإجراء تعديلات، يؤكد خبراء قانونيون أن لا وجود رسمياً حتى الآن لأي مشروع قانون أو مقترح بهذا الشأن، وإنما هي مجرد تصريحات سياسية.

وبحسب الخبير القانوني علي التميمي، فإن القانون النافذ حالياً هو قانون الانتخابات رقم 12 لسنة 2018، والذي تم تعديله بموجب القانون رقم 4 لعام 2023، وشمل هذا التعديل اعتماد نظام سانت ليغو المعدل بنسبة 1.7، لكنه لم يُطبَّق إلا في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، دون أن يُجرَّب في الانتخابات التشريعية لمجلس النواب.

وأضاف التميمي، خلال حديثه لشبكة أخبار الانتخابات العراقية، إن “أي تعديل على قانون الانتخابات يجب أن يستند إلى تجربة عملية للنظام المعتمد، وهو ما لم يحدث حتى الآن مع الصيغة المعدلة لسانت ليغو”، مشيراً إلى أن “الحديث عن العودة إلى نظام الدوائر المتعددة لا يزال مجرد فكرة غير مدعومة بأي إطار قانوني رسمي، حيث لم يتم تقديم أي مسودة قانونية بهذا الصدد إلى البرلمان حتى الآن”.

في المقابل، تستمر التكهنات حول احتمالية تقسيم المحافظات إلى دائرة واحدة أو أكثر وفق الحاجة، وسط انقسام القوى السياسية بين مؤيد ومعارض لهذه الفكرة، ويبقى القرار النهائي مرهوناً بالتوافقات السياسية ومدى جدية مجلس النواب في تبني أي تعديل جوهري على قانون الانتخابات الحالي.

لا تعليق

Leave a Reply