خاص: “انتخابات العراق”.. بين موعد محسوم ومخاوف تهدد الزعامات السياسية

14

بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية

في مشهد سياسي يزداد سخونة مع اقتراب موعد الانتخابات، حُسم الجدل أخيراً داخل أروقة السلطة العراقية بتحديد 11 تشرين الثاني 2025 موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، في خطوة يرى فيها البعض بارقة أمل لإنعاش المسار الديمقراطي، فيما يعتبرها آخرون مجرد محطة جديدة لصراع النفوذ.

وبين مؤيد يرى فيها “الطريق الوحيد للتداول السلمي للسلطة”، ومعارض يحذر من “تكرار مشاهد الفوضى والتلاعب”، تتسارع المواقف والتحذيرات، وسط دعوات للتصدي للتدخلات الخارجية ومخاوف من قانون انتخابي لا ينصف المستقلين.

وقبل أيام قليلة، صوت مجلس الوزراء العراقي، على تحديد يوم 11 تشرين الثاني 2025 موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية، لينهي جدل مستمر حول تأجيلها إلى العام المقبل، وفقاً لتصريحات سياسية عديدة.

وفي السياق ذاته، جدد الإطار التنسيقي، “الذي يضم أبرز القوى السياسية الشيعية”، الخميس الماضي، تمسكه بإجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد، مؤكداً في بيان صدر في اليوم ذاته (7 نيسان/ أبريل) أنه لا يحق لأي طرف تعطيل العملية الانتخابية أو تعديل جدولها الزمني.

ويقول النائب عارف الحمامي، عن ائتلاف دولة القانون في تصريح صحفي، إن “العملية الانتخابية تبقى الطريق الوحيد للتداول السلمي للسلطة بما يحفظ حقوق الجميع”، داعياً المواطنين والكتل السياسية كافة إلى “المشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة”.

ويشير الحمامي، إلى أن “التحدي الأكبر الذي يواجه الانتخابات يتمثل في بعض الجهات التي تتاجر بدماء العراقيين وتركب موجة المطالب الشعبية”، معبّراً عن “تضامنه مع المطالب الحقة لبعض الشرائح، مثل شريحة التربويين”.

ويكشف الحمامي، عن وجود ما وصفه بـ “مسموعات” بشأن دعوات داخلية وخارجية تطالب بحكومة طوارئ وإلغاء الانتخابات، معتبراً إياها “محاولات جس نبض” يرفضها ائتلافه بشكل قاطع، مؤكداً “قدرة العراق على تجاوز هذه التحديات مهما تعاظمت”.

“امتداد” تحذّر من الالتفاف على إرادة الشعب

إلى ذلك، تدعو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الأحزاب والتحالفات إلى اتباع تعليمات وآليات التسجيل التي ستعتمدها المفوضية، مبينة أن هذه الخطوة هي واحدة من أهم خطوات إجراء الانتخابات النيابية المقبلة.

ويقول عضو الفريق الإعلامي في المفوضية حسن هادي زاير لشبكة أخبار الانتخابات العراقية، إن “خطوة تسجيل التحالفات والأحزاب والقوائم المنفردة، واحدة من أهم الخطوات باتجاه إجراء الانتخابات المقبلة، وستنطلق عملية التسجيل في 15 نيسان الحالي وتنتهي في الرابع من شهر أيار المقبل”.

من جانبه، أعلن النائب ضياء الهندي عن حركة امتداد، دعمه الكامل لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، مشدداً على أنها “استحقاق دستوري لا يمكن التفريط به، ومسار ديمقراطي يجب الحفاظ عليه”.

وينبّه الهندي، إلى أن “الخطر الأكبر يكمن في محاولات بعض الأطراف الطعن بشرعية الانتخابات أو السعي لتعديل القوانين الانتخابية بما يخدم مصالحها الضيقة على حساب المصلحة الوطنية”، لافتاً إلى “ضرورة ضمان نزاهة الانتخابات، ومواجهة استخدام المال السياسي، وتوفير بيئة انتخابية عادلة لجميع المرشحين”.

وفي المقابل، حذر زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، من مغبة تأجيل أو إلغاء الانتخابات، معتبراً ذلك تهديداً مباشراً لاستقرار النظام السياسي ووحدة البلاد.

وسبق أن قال المالكي خلال كلمة ألقاها في مهرجان “وفاء الدم – أصابع بنفسجية”، الذي أقيم في 7 نيسان/ أبريل الجاري: “نسمع مؤخراً دعوات لتأجيل أو إلغاء الانتخابات، وهذا أمر خطير، الانتخابات واجب وطني وشرعي وأخلاقي، وهي السبيل الوحيد لتمكين الشعب من التعبير عن إرادته”.

مخاوف المستقلين من قانون سانت ليغو

يُشار إلى أن مجلس النواب العراقي صوّت، خلال جلسته الاعتيادية المنعقدة في 13 كانون الثاني/ يناير الماضي، على تمديد عمل مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وذلك بعد قرار قضائي بتمديد ولاية أعضائه الحاليين لعامين إضافيين.

وفي السياق ذاته، يعبّر النائب المستقل جواد اليساري عن قلقه من تأثير قانون سانت ليغو على فرص المستقلين والكتل الناشئة، موضحاً أن “جعل المحافظة دائرة انتخابية واحدة، خاضعة لهذا القانون، يقوّض من فرص التنافس الحقيقي”، الأمر الذي يدفع المستقلين إما للتحالف مع كيانات سياسية قائمة أو الانسحاب من المشهد الانتخابي.

يضيف اليساري، أن “من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة في إنجاح العملية الانتخابية هو تراجع أسعار النفط إلى أقل من المستوى المحدد في الموازنة (70 دولاراً للبرميل)، ما يتطلب إعادة صياغة الموازنة وتأخير إقرارها، وهو عامل قد يؤثر سلباً في تمويل الجوانب اللوجستية والتنظيمية للانتخابات”.

تحذيرات من التدخل الخارجي

في جانب آخر، يحذّر النائب السابق محمد الشبكي من تدخلات خارجية تهدف إلى التأثير على قانون الانتخابات وتشويه مخرجات العملية السياسية.

وقال الشبكي في تصريح صحفي، إن “هناك أطرافاً دولية تمارس ضغوطاً على العراق لا من أجل تقويم الانتخابات، بل بهدف زرع الفوضى وعرقلة المسار الديمقراطي، عبر التلاعب بفقرات القانون الانتخابي ومحاولة إرباك المشهد السياسي”.

وأضاف أن “هذه التدخلات تسعى لإدخال البلاد في حالة من عدم الاستقرار، وقد تنتج عنها عملية سياسية غير سليمة، إذا ما تم تمرير تعديلات مفروضة من الخارج لا تتناسب مع الواقع العراقي”.

وفي سياق ذي صلة، أعاد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، تأكيد موقفه الرافض للمشاركة في الانتخابات العراقية المقبلة، مشدداً على أن غياب الإصلاح واستمرار الفساد يمنعانه من الانخراط مجدداً في العملية السياسية.

وقال الصدر في بيان أصدره أواخر شهر آذار/ مارس الماضي: “ليعلم الجميع، ما دام الفساد مستشرياً، فلن أشارك في أي عملية انتخابية عرجاء، لا هدف لها سوى خدمة المصالح الطائفية والحزبية”.

وكان الصدر قد أعلن انسحابه من المشهد السياسي في حزيران / يونيو 2022، بعد أن أمر نوابه بالاستقالة من البرلمان، مؤكداً حينها أنه لن يكون جزءاً من أي انتخابات مستقبلية، رفضاً لما وصفه بـ”التحالف مع الساسة الفاسدين”.

وبين دعوات لدعم الانتخابات وتحذيرات من المتلاعبين، تعيش الساحة السياسية العراقية حالة من الترقب المشوب بالقلق، ووفقاً للمراقبين فإن التمسك بالاستحقاق الدستوري لا يخفي هشاشة البيئة الانتخابية، التي تحتاج إلى إجراءات حازمة لضمان نزاهتها، وحماية المسار الديمقراطي من أي تدخل أو انتكاسة.

 

لايوجد تعليق

Leave a Reply