بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية
كتب رئيس مجلس الخبراء العراقي ضياء واجد المهندس، مقالاً له حول الانتخابات، أشار فيه إلى أن الانتخابات تحوّلت إلى ما وصفه بفخ مغلق بدل أن تكون الفرصة التي ينتظرها الجميع للتغيير.
نص المقال:
“التغيير في زمن الاستعصاء: عندما تتحول الانتخابات إلى فخٍّ مغلق”
في الديمقراطيات الراسخة، تكون الانتخابات فرصة للتغيير. أما في الديمقراطيات المشوّهة، مثل حال العراق اليوم، فقد أصبحت الانتخابات لعبة مغلقة، تُدار بأوراقٍ ملغومة، وقواعدٍ وُضعت خصيصاً لضمان بقاء الفاسدين في السلطة، سواء شارك الناس أو قاطعوا.
معادلة الخسارة المزدوجة
إذا قاطع الناس الانتخابات، بحجّة أنها لا تُغير شيئاً، فإن الأحزاب الفاسدة تفوز بسهولة، دون أي عناء في إقناع الناخبين. تفوز بنسبة مشاركة هزيلة، لكنها قانونياً كافية لإضفاء الشرعية على نظام الفساد.
وإذا شارك الناس في الانتخابات، فإن المال السياسي وشراء الأصوات، واستغلال النفوذ والوظائف، وتسخير الإعلام الحكومي، والتعيينات الوهمية، يضمن فوز ذات الأحزاب، أو وجوه جديدة تابعة لها، بلباس “مستقل” لكنه مفصَّل في خياطة الولاء.
طريق الخلاص.. أين المخرج؟
السؤال هنا ليس هل نُصوّت أم لا؟ بل: هل نستطيع أن نغيّر قواعد اللعبة؟ لأن المشكلة ليست في الناس فقط، بل في منظومة تم تصميمها كي تكون غير قابلة للاختراق.
إليكم بعض ملامح طريق الخلاص:
1. كسر احتكار المفوضية وهيمنتها: لا يمكن أن نثق بصندوق اقتراع تُشرف عليه جهة تُدار بنظام المحاصصة. لابد من المطالبة بمفوضية مستقلة فعلاً، لا تمثيلاً حزبياً مقنعاً.
2. تشريع قانون انتخابي عادل: القانون الحالي مفصَّل على مقاس الأحزاب الكبرى. التغيير يبدأ من تعديل هذا القانون ليعطي فرصة حقيقية للمستقلين والقوى الناشئة.
3. حراك شعبي منظم، لا عاطفي: الغضب لا يكفي. نحتاج إلى تنظيم سياسي ناضج، يجمع المستقلين والنشطاء والنقابات والحركات الطلابية، على برنامج واضح، لا مجرد رفض عام.
4. مراقبة دولية فعلية: لا نريد بيانات خجولة من الأمم المتحدة، بل رقابة حقيقية على كل مراحل العملية الانتخابية.
5. تجفيف منابع الفساد الانتخابي: وقف الرواتب الوهمية، التعيينات المؤقتة قبل الانتخابات، استخدام المال العام لأغراض انتخابية… كلها أدوات يستخدمها الفاسدون، ويجب فضحها ومحاسبة مرتكبيها علناً.
الخلاصة:
الانتخابات وحدها لا تُنتج تغييراً ما لم تتوفر البيئة النزيهة، وما لم يكن هناك قوة سياسية بديلة جاهزة للمرحلة التالية. التغيير الحقيقي لا يحدث في يوم الاقتراع، بل في الأيام التي تسبقه، حين يُصنع الوعي، ويُنظَّم الضغط، وتُكسر الحواجز.
قد تكون اللعبة اليوم مغلقة، لكن المفاتيح في يد الناس… شريطة أن يؤمنوا أنهم ليسوا مجرّد أرقام، بل أصحاب الأرض والقرار.
البروفسور د.ضياء واجد المهندس
رئيس مجلس الخبراء العراقي
لايوجد تعليق