ما قصة بيع بطاقة الناخب البايومترية؟ مقال تثقيفي لنبراس أبو سودة

94

في كل استحقاق انتخابي تعود إلى الواجهة مسألة شراء بطاقات الناخبين كحل سريع لشراء الأصوات.

هذا ما يثير القلق ويشوّه فهم الناس لآليات الحماية التقنية والقانونية المصممة لحفظ سرية وحرية الاختيار.

سنعرض هنا الحقائق بوضوح ونفند الخرافات خطوة بخطوة، لنكشف لماذا لا تؤتي محاولات «شراء البطاقة» ثمارها عملياً، ولماذا تُعدّ في الوقت نفسه جريمة أخلاقية وقانونية.

 

               ✓            ماذا تروّج الشائعة ولماذا تنتشر؟

 

تروج الشائعة لفكرة بسيطة: أن شراء البطاقة يتيح للآخرين أن يقرروا نيّة الناخب أو يجبروه على التصويت لصالح مرشح ما.

هذه الرواية سهلة الانتشار لأنها تبدو منطقيّة على السطح وتخاطب مخاوف الناس من التلاعب.

الواقع مختلف تماماً؛ تلك الادعاءات تتجاهل الاجراءات التقنية والإجرائية والقانونية التي تحمي سرية وصحة الاقتراع.

 

               ✓            كيف تعمل البطاقة البايومترية؟

 

البطاقة البايومترية ليست مجرد حامل بيانات ورقي، بل نظام تقني متكامل يربط بطاقة محمية بقواعد بيانات وأجهزة تحقق.

عملية التحقق تعتمد على ما يسمى «المطابقة الثلاثية» التي تربط بين: بصمة حيّة تؤخذ من الناخب عند محطة الاقتراع، وبصمات مخزنة في جهاز التحقق الخاص بالمحطة مأخوذة من سجلات الناخبين المحدثة، وبصمة مشفّرة مخزنة داخل البطاقة نفسها.

تطابق هذه العناصر الثلاثة هو ما يسمح للبطاقة بالعمل لصاحبها فقط.

 

               ✓            إجراءات أمان إضافية تمنع إعادة الاستخدام

 

كتدبير أمني إضافي، تُعطَّل البطاقة بعد استخدامها مباشرة ولمدة زمنية محددة (مثلاً 72 ساعة) لمنع إعادة استخدامها أو تفعيلها في محطات أخرى فوراً.

بالإضافة إلى ذلك، تكون الأجهزة والبرمجيات المستخدمة محمية وإجراءات العمل في مراكز الاقتراع مُنظَّمة تمنع أي خلل أو تلاعب سهل.

مزيج هذه الإجراءات يمنع عملياً استخدام بطاقة شخص.

 

               ✓            بيع البطاقة ليس مجرد تبادل مادي بل بيع للضمير

 

حتى لو نجح طرف ما في دفع مبلغ مادي مقابل البطاقة، فإن ما يُباع عملياً هو وعد الناخب بالتنازل عن حريته في التصويت.

هذا الفعل لا يقتصر على خسارة مادية بل هو خرق أخلاقي لذمة الناخب.

قانوناً يُعد شراء أو بيع الأصوات جريمة انتخابية تُعاقب عليها القوانين، واجتماعياً يمثل سلوكاً يقوّض أسس الثقة بالمؤسسات الديمقراطية.

 

               ✓            ادعاءات كشف توجه الناخب عبر بيانات المفوضية: كذبة شائعة

 

ثمة ادعاء آخر يروّج له البعض مفاده أن المفوضية أو المرشحين يمكنهم تتبّع نية الناخب عبر قواعد البيانات أو عبر ملفات النتائج.

هذا ادعاء خاطئ.

ما تُسلمه المفوضية من بيانات للأطراف مساء الانتخابات هو شريط نتائج محايد ومجمّع حسب المحطات، ولا يتضمن أي معلومات عن هوية الناخبين أو توجههم.

لا يوجد في النظام ما يسمح بتتبع صوت فرد بعينه أو كشف توجهه، بالتالي لا يمكن لأي مرشح ولا حتى المفوضية نفسها ان تعرف لمن مُنحَ صوت الناخب.

 

               ✓            دعوة للتعامل المسؤول

 

النتيجة الواضحة أن محاولة شراء البطاقة لا تمنح فائدة عملية حقيقية بسبب آليات الحماية التقنية والإجرائية.

في المقابل، هذه المحاولات تُعدّ جرائم أخلاقية وقانونية تستهدف نزاهة العملية الانتخابية وذمة الناخب.

ندعو المواطنين إلى رفض أي عروض لشراء بطاقاتهم والإبلاغ الفوري عن مثل هذه المحاولات لدى الجهات المختصة.

الحفاظ على كرامة الناخب وسرية صوته هو خطّ دفاع أساسي عن الديمقراطية.

 

 

نبراس أبو سودة 

مساعد الناطق الرسمي

للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات

لايوجد تعليق

Leave a Reply