بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية
حذّر تقرير صحفي، نثشر اليوم السبت، من تفشي ظاهرة شراء الأصوات تحت ستار البطاقات الانتخابية من خلال تقديم مبالغ مالية ووعود بالتعيين.
التقرير نشره موقع صحيفة العالم الجديد، بعنوان (شراء الأصوات يتفشى تحت ستار «البطاقات الانتخابية».. مبالغ مالية ووعود بالتعيين)
نص التقرير:
في خضم التحضيرات لخوض الانتخابات البرلمانية في 11 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، يتصاعد الحديث في الداخل العراقي حول بيع وشراء البطاقات الانتخابية من قبل بعض النواب والمرشحين السياسيين مقابل وعود زائفة سواء بالتعيين أو تقديم الخدمات للمناطق المتهالكة.
ومع فتح باب التعيين على مجلس محافظة بغداد، كشف ناشطون ومواطنون، اليوم السبت، عن قيام بعض النواب والمرشحين بشراء البطاقات الانتخابية من المواطنين، مقابل مبالغ مالية أو وعود بالتعيين على مجلس المحافظة، مشيرين إلى أن سعر البطاقة الواحدة وصل إلى 400 دولار.
وقال عضو الحراك المدني العراقي علي السلامي، في حديث تابعته “العالم الجديد”، إن “مكاتب هؤلاء النواب بدأت العمل على شراء البطاقات، وإن سعر البطاقة الواحدة يصل أحيانا إلى 400 دولار”.
وأضاف أن “هناك سماسرة يعملون وسطاء لجمع بطاقات الناخبين”، مؤكدا أن “بيع البطاقات وشراءها يحدث بشكل شبه معلن ومن دون أدنى خوف، لا سيما أننا لم نشهد أي محاسبة قانونية لأي شخص بهذه التهمة”.
وشهدت الانتخابات النيابية، التي جرت في عام 2021 توترات كبيرة، تمثلت بمطالبات واسعة من بعض القوى السياسية بإعادة العد والفرز اليدوي، عقب اتهامات بتزوير النتائج والتلاعب بها، وقد صاحب العملية الانتخابية شد وجذب بين الكتل السياسية والمفوضية العليا للانتخابات، وسط احتجاجات واعتراضات على آليات العد الإلكتروني، وتشكيك بالأجهزة الناقلة للنتائج، ما دفع المفوضية إلى إجراء عد وفرز يدوي في عدد من المحطات، لتأكيد نزاهة العملية.
إلى ذلك، قال مواطنون لـ”العالم الجديد”، إن “بعض النواب والمرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة، استغلوا فتح باب التعيين على مجلس محافظة بغداد، لإغراء المواطنين بالتعيين مقابل إعطاء بطاقاتهم الانتخابية”.
وأضاف أن “عمليات بيع البطاقات تجري بشكل معلن لاسيما في منطقتي حي الجامعة والعامرية في بغداد، حيث يقوم سماسرة بجمع البطاقات مقابل تقديم بعض الخدمات كأن تكون مبالغ مالية أو إصلاح بعض الطرق أو إصلاح محطات الطاقة الكهربائية، فضلا عن تقديم وعود التعيين”.
وكان رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية العليا للانتخابات عماد جميل، حذر الأربعاء الماضي، من عمليات شراء أو بيع البطاقات البايومترية”، مبينا أن الهدف من شراء البطاقات البايومترية هو إما التلاعب أو حرمان الناخبين من التصويت، ملوحا في الوقت ذاته الى إجراءات صارمة من قبل المفوضية تصل الى حد استبعادهم من المشاركة، وتحويلهم إلى المحاكم المختصة.
فيما أكد “معهد واشنطن” الأمريكي، مؤخرا ، أن تصاعد الانتماءات الفرعية على حساب الهوية الوطنية في العراق قد يُنذر بـ “تصدّع المشهد السياسي”، مبينا أن الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقررة في تشرين الثاني نوفمبر 2025، لن تكون حاسمة في ظل استمرار انقسام الأحزاب على أسس طائفية وعرقية.
وكان الخبير القانوني علي التميمي، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “الآراء المختلفة حول تعديل قانون الانتخابات تُحترم جميعها، لكن القانون الحالي ينص على إجراء الانتخابات باستخدام البطاقة الإلكترونية، وهو نص قانوني لا يمكن تجاوزه دون إجراء تعديل رسمي”.
ويتابع التميمي، أن “استخدام البطاقة الإلكترونية في الانتخابات له مبرراته، أبرزها الحد من التزوير، وسرعة إظهار النتائج عبر الأجهزة التقنية المخصصة لذلك، ومع ذلك، فإن تعديل القانون لفتح المجال أمام آليات جديدة مثل التصويت الورقي أو المباشر يتطلب دراسات معمقة”.
يشار إلى أن العملية الانتخابية في العراق تجري وفق القانون الانتخابي النافذ، وهو قانون (انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018 المعدل)، والنظام الانتخابي المعتمد بموجب القانون المذكور ويتم بنظام التمثيل النسبي، بحسب مختصين.
وأكد النائب مهند الخزرجي، مطلع الشهر الجاري، أنه على الرغم من قيام عدد من أعضاء مجلس النواب بجمع تواقيع لأجل إدراج فقرة لمقترح تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، إلا أنه لا توجد رغبة او جدية لغالبية الكتل السياسية لتعديل القانون”.
وكان نواب قد أقروا بصعوبة تعديل قانون الانتخابات، بسبب الانقسام السياسي بين كبار الكتل السياسية، منوهين إلى أن كل طرف سياسي سيعمل على تمرير القانون وفق ما يخدم مصلحته الحزبية، ولذا تم تأجيل هذا التعديل لحين حسم القوانين الخلافية المعلقة منذ أشهر دون التصويت عليها.
وكانوا مختصين في الشأن السياسي، حذروا، مؤخرا، من خطورة استخدام المال السياسي في الانتخابات المقبلة، مؤكدين بأنه سبب رئيس في خراب العراق، مشددين على ضرورة الحد من تدخل المال الفاسد في الانتخابات لنحظى بانتخابات نزيهة، موضحين أن القوى الناشئة غير قادرة وليس في استطاعتها مجاراة المال السياسي الذي تمتلكه الأحزاب والكتل السياسية المشكلة للنظام بعد 2003.
ويأتي ذلك التزامن مع الحديث عن بدء الكتل السياسية بتقديم عروض وتنازلات لبعض أعضاء مجلس النواب قبيل اقتراب موعد الانتخابات العامة في البلاد.
وفي 2014 أصدر البرلمان قانونا جديدا للانتخابات، اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.
وشهد القانون تغييرا جذريا عام 2020، استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلا من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية، ما أسهمت بفوز عشرات المستقلين لأول مرة، وتراجع في حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية، الأمر الذي دفع الأحزاب التقليدية للسعي إلى تغيير القانون، وهو ما حدث بالفعل في 27 مارس 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بشهور.
يذكر أن مجلس النواب قد صوت خلال جلسته التي عقدت في الـ27 من آذار مارس 2023 بحضور 218 نائبا على قانون “التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لعام 2018”.
وشملت التعديلات الأخيرة إلغاء النظام المعمول به في انتخابات تشرين الأول أكتوبر 2021، واعتمد بموجب النظام الانتخابي الجديد نظام الدوائر المتعددة وقسم البلاد جغرافيا إلى 83 دائرة بدل النظام القديم الذي حدد أن كل محافظة تمثل دائرة انتخابية واحدة.
وبحسب سياسيين، فإن الأحزاب الناشئة والمرشحين المستقلين استفادوا من قانون الدوائر المتعددة، الذي يمنح المرشح فوزه المباشر من خلال أعداد المصوتين له، لكن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة، لكن في المقابل رأى مراقبون للشأن العراقي أن التعديلات الأخيرة تعزز هيمنة الأحزاب التقليدية على حساب القوى الناشئة.
لايوجد تعليق