بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية
حذر تقرير صحفي، من تحول العملية الانتخابية إلى بوابة لظهور “مرشحين موسميين” يختفون عن المشهد بعد انتهاء الانتخابات، وسط مخاوف من تأثير حملات أولئك المرشحين، المدعومة بـ”المال السياسي” على حساب المستقلين، ما يقلل فرص التكافؤ الانتخابي.
التقرير نشرته صحيفة المدى، بعنوان (“كومبارس الانتخابات”.. مرشحون لاستكمال القوائم وضرب القوى الناشئة).
نص التقرير:
مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، تتزايد المخاوف من تكرار ظاهرة “المرشحين الموسميين” الذين يظهرون على الساحة فجأة ويغيبون بعد انتهاء التصويت، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من تحوّل العملية الديمقراطية إلى بوابة عبور لأشخاص بلا برامج واضحة، تُدار حملاتهم بدوافع مالية ونفوذ سياسي، وسط تهميش لمرشحين مستقلين وغياب تكافؤ الفرص في المشهد الانتخابي.
مع حلول الموسم الانتخابي، تعود إلى الواجهة مشاهد المرشحين الموسميين الذين يظهرون فجأة ويختفون مع انتهاء التصويت، وسط تحذيرات من تحوّل العملية الانتخابية إلى بوابة عبور لأشخاص بلا برامج حقيقية، تُموَّل حملاتهم لأهداف لا علاقة لها بالتمثيل النيابي، بل ترتبط غالبًا بالمال والنفوذ.
وفي وقت تُفتح فيه الأبواب على مصراعيها أمام مرشحين مدعومين من جهات سياسية أو شخصيات نافذة، يعاني المستقلون والوجوه الجديدة التهميش الإعلامي وضعف التمويل، رغم امتلاك كثير منهم برامج واضحة وكفاءة مهنية، ما يجعل المنافسة غير متكافئة في كثير من الأحيان.
ويتيح قانون الانتخابات للكتل السياسية تقديم مرشحين بعدد يصل إلى ضعف المقاعد المخصصة لكل محافظة، وهو ما يدفع العديد من الأحزاب إلى ملء قوائمها بأسماء يُستخدم بعض أصحابها كـ”حشوة انتخابية” دون امتلاك مشروع سياسي أو رؤية واضحة.
استكمال العدد المطلوب
وغالباً ما يكون الهدف من ترشيح هؤلاء هو استكمال العدد المطلوب قانونياً، أو توسيع القاعدة الدعائية للقائمة، في حين تُركَّز الجهود والتمويل والدعم الإعلامي على مرشحين محددين تُعقد عليهم رهانات الفوز الفعلية.
بدوره، رأى المحلل السياسي علي ناصر أن “الارتفاع الكبير في عدد المرشحين خلال الانتخابات المقبلة لا يكشف بالضرورة عن توجّه إصلاحي أو تنافس ديمقراطي صحي، بل هو استراتيجية من الكتل السياسية الكبرى لتعويض عزوف الناخبين عن المشاركة، وفقًا للمؤشرات الأولية لنِسَب التسجيل والتفاعل الجماهيري”.
وقال ناصر لـ (المدى)، إن “الكتل الكبيرة عمدت إلى دفع أعداد كبيرة من المرشحين ضمن قوائمها، بهدف تشتيت الأصوات واستقطاب أكبر عدد ممكن منها، مستفيدة من طبيعة القانون الانتخابي الحالي الذي يتيح لها تحقيق مكاسب أكبر كلما زاد عدد مرشحيها”. وأشار ناصر إلى “وجود نوعين من المرشحين المستقلين؛ الأول، يشارك تحت مظلة الكتل السياسية بشكل غير مباشر، ما يمنح هذه الكتل نفوذًا إضافيًا ويخدم مصالحها، أما النوع الثاني، وهم المستقلون الحقيقيون، فتبقى فرصهم في الفوز ضعيفة بسبب تفوق الكتل الكبرى في المال السياسي والدعاية والإعلام، وهي أدوات يصعب على المستقلين مجاراتها في ظل غياب الدعم والتمويل”.
أرقام مهولة
وتشير أرقام مفوضية الانتخابات، إلى أن عدد المرشحين لانتخابات مجلس النواب المقبلة بلغ 7926 مرشحاً في عموم العراق، وهو رقم يُعد من بين الأعلى منذ عام 2005، ويكشف عن زخم كبير في الترشيح، رغم الجدل المستمر حول جدية الكثير من الأسماء. وبحسب الإحصائية الرسمية المحدثة، تصدرت بغداد القائمة بـ2353 مرشحا، تلتها نينوى بـ 1072 مرشحًا، ثم ذي قار التي سجلت 580 مرشحًا، وسط تباين كبير في توزيع الأسماء بين المستقلين والمرشحين المدعومين من أحزاب سياسية.
ويرى مراقبون أن هذا العدد الضخم يُعيد طرح التساؤلات بشأن طبيعة الترشح في العراق، ومدى واقعية البرامج الانتخابية المقدّمة، وما إذا كانت تعكس تمثيلًا فعليًا أم مجرد تكثيف عددي يخدم الكتل الكبرى.
المال السياسي
من جهته، أكد الباحث في الشأن السياسي عبدالغني الغضبان أن “المال السياسي يلعب دوراً مؤثراً في كل انتخابات”، مشيراً إلى أن “المرشحين المستقلين أو الناشئين باتوا يشعرون بأنهم غير قادرين على مجاراة الأحزاب الكبيرة التي تمتلك السلطة والمال والسلاح”.
وأضاف الغضبان لـ(المدى) أن “الكثير من هؤلاء المرشحين اضطروا للانخراط في القوائم التقليدية المعروفة، من أجل تحقيق بعض المكاسب أو فرص الفوز”، مبيّنًا أن “هذا التفاهم يشكل صفقة بين الطرفين؛ فالأحزاب تستفيد من أصواتهم، بينما يراهن المرشح على وعود بالحصول على منصب لاحقًا، مثلَ مديرٍ عامٍ أو وكيلِ وزيرٍ”.
وأوضح أن “الأحزاب الكلاسيكية لا تملك فقط المال، بل أيضًا الأدوات الإعلامية والناطقين الرسميين الذين بدأوا بالترويج لبعض المرشحين حتى قبل السماح الرسمي بالحملات الانتخابية من قبل المفوضية”، مؤكدًا أن “المال السياسي هو هاجس الجميع في هذه الدورة الانتخابية”.
لايوجد تعليق