بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية

وصف مقال رأي للمدرس المساعد المحامي محمد نزاز السوداني، قرار إيقاف الاستثناءات لما بعد الانتخابات النيابية المقبلة، بأنه خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح، لكون القرار سيوقف ظاهرة خطيرة تتمثل باستغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية وشخصية. ويوقف التجاوزات على الصلاحيات الدستورية والمساس بمبدأ الفصل بين السلطات.

نص المقال:

إصلاحية نحو نزاهة العملية الانتخابية

شكّل قرار رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بإيقاف الاستثناءات لغاية 15/11/2025 خطوة جبارة وفي الاتجاه الصحيح، إذ إن السنوات الماضية أفرزت ظاهرة خطيرة تمثلت باستغلال موارد الدولة لأغراض انتخابية وشخصية. وقد انعكس هذا الاستغلال على واقع المواطن العراقي الذي يعاني من الفساد الإداري والمالي، فضلًا عن حالة الإرهاق الاقتصادي والمعيشي.

لقد أصبح مشهد بعض النواب وهم ينزلون إلى الشوارع لتبليط الطرق أو فرش “السبيس” أو تبديل المحولات الكهربائية، أو تدخلهم في استثناءات وزارية، أمرًا مألوفًا ولكنه في جوهره يمثّل تجاوزًا خطيرًا على الصلاحيات الدستورية التي كفلها الدستور ، ومساسًا بمبدأ الفصل بين السلطات. فهذه الأعمال ليست من صميم عمل البرلمان، وإنما هي من صلب اختصاص السلطة التنفيذية والجهات الفنية المختصة.

إن وظيفة البرلمان وفق الدستور هي *التشريع والرقابة*، وليست مزاولة أعمال تنفيذية أو خدمية، إذ أن هذا الخلط بين الاختصاصات يولّد حالة من الفوضى الإدارية ويُضعف هيبة المؤسسات في الدولة. كما يفتح الباب أمام توظيف المال العام والموارد الحكومية لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، وهو ما يتنافى مع القواعد الدستورية ومع مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين.

ومن هذا المنطلق، فإن قرار إيقاف الاستثناءات يمثّل استجابة عملية لنداءات الإصلاح، ويضع حدًا لمحاولات المتاجرة بالخدمات العامة. كما يعزز الثقة بنزاهة العملية الانتخابية المقبلة، ويؤسس لثقافة سياسية جديدة تقوم على احترام الدستور، وتوزيع الأدوار بين السلطات على أساس صحيح.

ولذلك، فإن الجميع، مسؤولين ومواطنين، مطالبون بدعم هذا التوجه، من منطلق *المسؤولية الأخلاقية والدينية والقانونية*، لما فيه من مصلحة عليا للدولة والمجتمع. ونؤكد أن هذه الخطوة هي بداية حقيقية نحو تكريس مبدأ النزاهة والشفافية، وضمان انتخابات نزيهة تعبّر عن الإرادة الحرة للشعب بعيدًا عن استغلال المال العام.