بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية
سلط تقرير صحفي، نُشر اليوم الثلاثاء، الضوء على مشاركة الفصائل المسلحة في الانتخابات التشريعية المقبلة، فيما أكدت أنها بدأت فعلاً في تحشيد جمهورها للسباق الانتخابي.
التقرير نشرته صحيفة العربي الجديد، بعنوان (كتائب حزب الله تدخل على خط التحشيد الانتخابي بالعراق.. ما وراء ذلك؟).
نص التقرير:
وسط توقعات بأن تشهد الانتخابات العراقية المقررة نهاية العام الحالي، أعلى تمثيل للجماعات والفصائل المسلحة، عبر أجنحة سياسية استحدثتها خلال الفترة الأخيرة، دعت جماعة “كتائب حزب الله”، في بيان لها إلى “المشاركة الفاعلة في الانتخابات”، لأسباب عديدة من بينها “تفويت الفرصة على الأعداء، وضمن الضوابط الشرعية”.
إعلان الجماعة التي تُصنف على أنها الأكثر ارتباطاً بإيران، جاء على لسان أمينها العام “أبو حسين الحميداوي”، الذي درج على إصدار المواقف ذات السياق الأمني أو المسلح فقط، وهو ما اعتبره مراقبون توجهاً حقيقياً من الجماعة للدخول على خط الانتخابات.
وأوضح الحميداوي، في بيان نشرته وسائل إعلام ومنصات مرتبطة بالفصائل العراقية المسلحة، أمس الاثنين، إن “ما يمرّ به العراق والمنطقة في هذه المرحلة هو من أدق المراحل وأخطرها، ما يتطلّب منا فهمها والتفاعل معها بمسؤولية ووعي وحكمة في إطار الضوابط والالتزامات الشرعية، لتفويت الفرصة على الأعداء والمتربصين بأمتنا وشعبنا”.
وأضاف الحميداوي “نحن على أعتاب الاستحقاقات النيابية، نذّكر بأن المشاركة الفاعلة في الانتخابات هي خطوة أساسية لا يجوز الإغفال عنها أو التساهل فيها، فعلى الإخوة والأخوات الاستعداد لها بحماسة وفاعلية، وإنهاء تحديث بياناتهم في الوقت المناسب، كي لا يضيّعوا حقوقهم وحقوق أهليهم وبلدهم، إذ إن التهاون بها لا يخدم إلا الفاسدين ومن يقف خلفهم”.
وحددت الحكومة العراقية، في وقت سابق، الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل موعداً رسمياً لإجراء الانتخابات التشريعية العامة في البلاد، بنسختها السادسة منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، فيما أكد مراقبون أن هذه الخطوة جاءت بعد ضغوطات تعرض لها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من قبل بعض قادة تحالف الإطار التنسيقي.متغيرات سياسية وراء توجه كتائب حزب الله
دعوة الأمين العام لـ”كتائب حزب الله”، جاءت بالتزامن من حراك واسع لفصائل مسلحة أخرى تمتلك أجنحة سياسية، شملت محافظات ومدن مختلفة وسط وجنوبي البلاد، في وقت كرر فيه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إعلانه عن مقاطعة العملية الانتخابية مع حث أنصاره على الاستمرار بتحديث بطاقة الناخب.
وتعقيباً على دعوة “كتائب حزب الله”، التي تبنت في سنوات سابقة، “عمل المقاومة”، وعدم الانخراط بالعملية السياسية، يقول الناشط السياسي المقرب من التيار الصدري مجاشع التميمي، لـ”العربي الجديد”، إن “دعوة كتائب حزب الله للتحشيد الانتخابي لا يمكن فصلها عن المتغيرات السياسية الإقليمية، خصوصاً الحوار الأميركي-الإيراني وتوازنات النفوذ في العراق”.
وبين التميمي أن “الكتائب، تعتبر نفسها جزءاً من (محور المقاومة)، وتدرك أن أي تسوية بين واشنطن وطهران قد تعيد رسم حدود النفوذ داخل العراق، وتضعف أوراق الضغط غير السياسية، لذا فإن دخولها ساحة الانتخابات يمثل محاولة لضمان موطئ قدم سياسي دائم، تحسباً لأي تراجع في تأثير السلاح كأداة نفوذ”، مضيفاً: “بمعنى آخر المشاركة الانتخابية ليست انفصالاً عن الخط العقائدي، بل تطور تكتيكي يتماشى مع طبيعة المرحلة الإقليمية المتغيرة”.
وأضاف أن “دعوة كتائب حزب الله للتحشيد للانتخابات تحمل دلالات سياسية واضحة، تُشير إلى رغبة في توسيع النفوذ من العمل المسلح إلى التأثير السياسي المباشر، وهذه الدعوة قد تمهد لدخول الكتائب عبر واجهات سياسية أو تحالفات انتخابية دون الترشح المباشر كفصيل مسلح، لتفادي الموانع القانونية التي تحظر مشاركة الجماعات المسلحة”.
وختم المقرب من التيار الصدري قوله إنه “من المتوقع أن تستثمر الكتائب رصيدها الشعبي في بعض المناطق لتأمين حضور قوي، خاصة في ظل تراجع بعض القوى التقليدية وهذا التحرك يعكس إدراكاً متزايداً بأهمية العمل السياسي في رسم ملامح السلطة، لكنه قد يثير مخاوف من عسكرة العملية الانتخابية وتقويض التوازن الديمقراطي”.
السياسي العراقي المستقل نزار حيدر، قال لـ”العربي الجديد”، إن “هذه ليست المرة الأولى التي تخوض فيها الكتائب الانتخابات النيابية حيث اشتركت فيها في المرة الماضية وكانت النتيجة أنها حصلت على مقعد نيابي واحد فقط، ما أشر وقتها إلى عدم مقبولية كبيرة وواسعة لدى الرأي العام العراقي على الرغم من أنها وظفت التاريخ المقاوم الذي تدعي أنها تتمتع به في حملتها الانتخابية”.
وأضاف حيدر “في البيان الذي صدر عنها بهذا الخصوص استخدمت الكتائب آيات قرآنية وجملاً ومصطلحات تشير إلى أنها بصدد ترك الجهاد المسلح واللجوء إلى الجهاد السياسي لحماية العراق ومصالح الشعب وبلغة عقلانية وهو أمر جيد جداً ومحمود إذا كانت بالفعل تعي ما تقول وتقصد ما تشير إليه، فهو قرار حكيم وسليم في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة والعراق على وجه التحديد”.الفصائل “بدأت تفقد شرعية وجودها”
وأضاف أن “الموقف هذا هو تحصيل حاصل، فبعد فشل نظرية وحدة الساحات التي أجهزت على (4) ساحات منها ودمرتها وقضت حتى على البنى التحتية لحياة البشر، وبعد يقينها بأن أية مجازفة منها في استخدام السلاح سيعرض العراق إلى ما تعرضت له الساحات الأخرى، فإن من الطبيعي أن تقرر توجيه اهتمام جمهورها صوب صندوق الاقتراع مع تبريرات وذرائع معقولة ومقبولة على الأقل لحماية معنوياتهم والتصدي لإمكانية انهيار جبهتهم الداخلية، بعد كل هذا الفشل العظيم الذي منيت به”.
وبيّن السياسي العراقي المستقل أن “القانون واضح وصريح جداً في منع الفصائل المسلحة من خوض الانتخابات النيابية، لكنني أعتقد أن تسوية سياسية من نوع ما هي التي ستتجاوز هذه العقدة القانونية، وأن مثل هذه التسوية برأيي مطلوبة الآن لتحقيق مصلحة وطنية أعلى تتمثل بتهدئة الجبهة الداخلية على كل المستويات، وربما تكون كذلك التسوية خطوة على طريق حصر السلاح بيد الدولة وهو الهدف الاستراتيجي الذي تعمل على تحقيقه الحكومة والزعامات السياسية منذ مدة طويلة، وقد تساعد مثل هذه التسوية على تجنيب العراق مخاطر التعرض لضربات عسكرية خارجية للأسباب المعروفة”.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية خالد العرداوي، لـ”العربي الجديد”، إن “معظم الفصائل في العراق، باتت تمتلك أجنحة سياسية، وهي عندما تدعو إلى التحشيد للمشاركة في الانتخابات إنما تفعل ذلك من خلال هذه الأجنحة”.
وبين العرداوي أنه “لا غرابة في ظهور مثل هذه الدعوات، فالفصائل بعد انهيار محور المقاومة، وغياب التهديد الإرهابي، واحتمال المصالحة الإيرانية – الأميركية تجد أنها بدأت تفقد شرعية وجودها، وهي غير مستعدة لمغادرة المشهد، وترك سيطرتها ونفوذها على مفاصل الدولة”.
وأضاف “لذا هي ترى أن عليها تعويض ذلك من خلال توسيع هيمنتها السياسية عن طريق العملية الانتخابية، ومنع القوى التقليدية كالتيار الصدري والناشئة من إزاحتها، لاسيما في ظل عملية انتخابية قادمة ستقرر مصير معظم القوى السياسية في العراق”. وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن “المدة القادمة ستشهد المزيد من التحشيد، ولجميع القوى السياسية وأذرعها العسكرية، وقد يقود الصراع السياسي إلى تصعيد خطير يصل إلى وضع الأمور على حافة الهاوية”.
وكان البرلمان العراقي قد أقرّ في عام 2015 “قانون تنظيم الأحزاب”، المعروف بقانون رقم 36، وهو أول قانون تمت صياغته لتنظيم عملية تشكيل الأحزاب في البلاد وعملها. وتضمّن القانون بنوداً عدة، من بينها حظر تأسيس الأحزاب على نطاق طائفي أو عنصري، وكذلك الارتباط بالخارج، وحظر مشاركة الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة بالعملية السياسية.
لكن القانون انضم إلى باقي القوانين العراقية المعطلة، إذ شاركت كثير من الفصائل المسلحة التابعة لـ”الحشد الشعبي” في الانتخابات السابقة، سواء كانت البرلمانية أو المحلية، لمجالس المحافظات.
لايوجد تعليق