بغداد / شبكة أخبار الانتخابات العراقية
ربط تقرير صحفي، بين عدم تطبيق الاتفاق السياسي في العراق، وبين الانتخابات النيابية المقبلة في البلاد، مشيراً إلى أن الجدل السياسي في العراق يتناول ما حققته الحكومة وما أخفقت فيه من بنود برنامجها الحكومي.
التقرير نشرته صحيفة العربي الجديد، بعنوان: (ستة أشهر تسبق الانتخابات العراقية… لا تطبيق للاتفاق السياسي)
نص التقرير:
قبل ستة أشهر من انتقال حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إلى حكومة “تصريف أعمال”، بفعل انتهاء ولايتها مع إجراء الانتخابات العراقية العامة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يتصدر الجدل السياسي منذ أيام بالعراق، حول ما حققته الحكومة وما أخفقت به ضمن البرنامج الذي تعهدت بتنفيذه، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2022. وأول من أمس الخميس، نشرت صحيفة الصباح الحكومية، حزمة مما قالت إنه إنجازات للحكومة العراقية، ذكرت أن أبرزها نمو الناتج المحلي، وزيادة الإيرادات غير النفطية، ورفع الإنتاج النفطي إلى نحو أربعة ملايين برميل يومياً، وزيادة عدد المستشفيات، إلى 550 مستشفى، وعدد المدارس إلى 30 ألف مدرسة، وخلق وظائف بواقع مليون وظيفة بالقطاع الحكومي. غير أن التقرير في المقابل، عدّد ما تعثرت الحكومة بتنفيذه، بما يتعلق بالملفات الإنسانية والحقوقية والحريات وتغول نفوذ الفصائل و”السلاح المنفلت”، الذي بات يُطلق عليه بالعراق “سلاح اللا دولة”. وستكون الانتخابات العراقية المقبلة السادسة من نوعها منذ الغزو الأميركي للعراق في عام 2023.
مرحلة ما بعد الانتخابات العراقية لعام 2021
ويمكن القول إن حكومة السوداني قبل إجراء الانتخابات العراقية قد نجحت في إحداث فرق لاحظه سكان بغداد وبقية المحافظات، وتحديداً فيما يتعلق بالجسور والطرق الجديدة ضمن خطط فك الاختناقات، بالإضافة إلى افتتاح مساحات خضراء في مراكز المدن وعلى أطرافها، والوظائف وتراجع معدلات البطالة والفقر بمختلف مدن البلاد. لكنها تعثرت في ملفات أخرى بينها حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء احتلال 13 منطقة ومدينة من قبل الفصائل المسلحة التي ترفض الانسحاب منها وإعادة أهلها، مثل جرف الصخر، والعوجة (مسقط رأس الرئيس الراحل صدام حسين) والعويسات، ويثرب، ومناطق أخرى في شمال البلاد وغربها.
كذلك، تعثر إغلاق ملف النزوح الداخلي، مع فشل الحكومة في التعهد بالتوازن داخل مؤسسات الدولة، التي تقول القوى العربية السنية والكردية إنها تعاني خللاً طائفياً كبيراً من خلال احتكارها من قبل القوى الشيعية، وأبرزها وزارت الداخلية والمخابرات والأمن الوطني والمالية والنفط. وفي ملف تطوير العلاقات الخارجية، تحديداً العربية منها، لم يظهر أي تقدم من جهة الحكومة العراقية إن لم تكن تراجعت في بعضها.
مرّ عامان ونصف العام على عُمر حكومة السوداني، التي مُنحت الثقة من خلال البرلمان في 27 أكتوبر 2022، إثر الانتخابات العراقية التي أُجريت في عام 2021 وانسحاب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر من العمل السياسي في صيف 2022، مما منح القوى المناوئة له فرصة تشكيل الحكومة. وتضمنت ورقة الاتفاق السياسي، التي تمثل البرنامج الحكومي وأبرمت بين الأحزاب والسوداني، 23 فقرة، معظمها لم يُطبّق بسبب الالتفاف السياسي حول بنودها بعد تشكيل الحكومة. ومن أبرز تلك التفاهمات، التي عُدت شروطاً لقاء التصويت في البرلمان لصالح منح الحكومة الثقة، إنهاء وجود الفصائل والمليشيات المسلحة في المدن والأحياء السكنية، وإطلاق برنامج حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء ظاهرة المدن “منزوعة السكان” التي تسيطر عليها بعض الفصائل المسلحة، وتشكيل محكمة مستقلة لملفات الفساد بأثر رجعي منذ عام 2006.
وتم تشريع قانون العفو العام عبر البرلمان العراقي، بعد مماطلة وتدخلات حزبية أسهمت في إفراغ الكثير من محتواه المطلوب شعبياً، إذ كان يستهدف بالدرجة الأولى أولئك الذين انتزعت منهم اعترافات تحت التعذيب أو بوشاية المخبر السري. كما لم تنجح حكومة السوداني في تعويض المتضررين من العمليات الإرهابية والأخطاء العسكرية، ولم تكشف عن مصير المختطفين والمغيبين خلال العمليات العسكرية التي خاضتها القوات العراقية والحشد الشعبي ضد تنظيم “داعش”.
وشملت ورقة البرنامج الحكومي فقرة تتعلق بمعالجة أزمة السكن، وإطلاق استراتيجية مكافحة الفقر والبطالة، وتعهدات أخرى مرتبطة بإجراء إصلاحات في القطاعات الاقتصادية والمالية والخدمية، وإلغاء هيئة “المساءلة والعدالة”، فضلاً عن إنصاف الأقليات العراقية المتضررة من سنوات العنف والإرهاب، وإلغاء التدقيق الأمني لسكان مدن شمال وغرب العراق، وإعادة النظر في التوازن داخل مؤسسات الدولة، خصوصاً الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى.
كذلك شملت الورقة تقديم قتلة المتظاهرين والناشطين للقضاء، وتطبيق اتفاق تطبيع الأوضاع في مدينة سنجار شمالي العراق (بين أربيل وبغداد عام 2020 بهدف إخراج الجماعات المسلحة غير العراقية من سنجار تمهيداً لعودة نازحيها)، وكل هذه الملفات لم تتحقق رغم أنها كانت جزءا من وعود حملة الانتخابات العراقية للسوداني. والأسبوع الماضي، شدد السوداني ورئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، على ضرورة توحيد جهود السلطتين التشريعية والتنفيذية لإكمال تنفيذ فقرات البرنامج الحكومي قبل إجراء الانتخابات العراقية في نوفمبر المقبل، في مختلف القطاعات. جاء ذلك في لقاء جمعهما في بغداد، وذكر بيان حكومي، إن “السوداني أكد على أهمية المضيّ بتحقيق المشاريع التنموية والخدمية في البلاد”.
في السياق، أشار مستشار رئيس الحكومة العراقية عائد الهلالي، إلى أن “حكومة السوداني أسهمت بتغييرات كبيرة على مشهد الخدمات في البلاد، وحققت نسبا متقدمة من شعارها الأساسي الذي رفعته وعملت على تحقيقه، رغم الهجمات الإعلامية والتحولات السياسية والمشكلات المرتبطة بالمال والتوافق، ورغم التقليل من أهمية المشاريع التي أنجزت في بغداد والبصرة وأغلبية المحافظات، عبر الحملات الإعلامية المدفوعة، لكن المواطن العراقي لاحظ الفرق الكبير”. وأوضح الهلالي في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أن “هناك مشكلات متراكمة في العراق، ولا تتحملها حكومة السوداني لوحدها، مثل البنى التحتية وقضية الكهرباء، ومع ذلك، فإن التقدم واضح”. وفيما يتعلق بالسلاح المنفلت، بيّن الهلالي أن “الحكومة أطلقت مبادرات عدة لحصر السلاح بيد الدولة، كما أطلقت بالتنسيق مع الجهات الأمنية والقضائية لأجل شراء وسحب السلاح من أيدي المواطنين، وهناك من يربط سلاح الحشد الشعبي بالسلاح المنفلت، وهذا غير صحيح لأن الحشد مؤسسة حكومية وتخضع لأوامر القائد العام للقوات المسلحة، لكن بالفعل هناك حاجة لمواصلة العمل للتمكن من السلاح الذي تملكه بعض الجماعات الخارجة عن القانون وعصابات الجريمة المنظمة”، معتبراً أن “حكومة السوداني نجحت أيضاً في محاربة الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة”.
مشاريع حكومة السوداني
في أكتوبر الماضي، قال السوداني، إن “حكومته أنجزت خلال عامين ما نسبته 62% من المشاريع في مختلف القطاعات، ونجحت في ملفات بارزة ومهمة.. كما ركزت على مشاريع البنى التحتية، ومحطات معالجة الصرف الصحي والشبكات، وتوفير مياه الشرب”. وأكد أنه “في مجال الكهرباء حققنا أعلى إنتاج للطاقة الكهربائية بالوصول الى 27 ألف ميغاواط، وبدأنا بمشاريع جديدة، وافتتحنا مشاريع لفك الاختناقات بالشبكة، وأخرى تتعلق بالدورة المركبة والمغذيات الجديدة، وفي محور مكافحة الفقر، تم شمول 962 ألف أسرة بالحماية الاجتماعية بنسبة زيادة 85%، ما يعني شمول 7.6 ملايين بالحماية الاجتماعية”.
من جهته، قال الناشط السياسي من محافظة النجف، علي الحجيمي، إن “الحكومة الحالية تعتبر مشاريع فك الاختناقات وتأهيل المستشفيات والطرق والجسور وشمول أعداد كبيرة بالرعاية الاجتماعية وتحميل ميزانية الدولة أعباء مئات الآلاف من الموظفين الجدد، إنجازات، وهذه كارثة بحق فكرة الدولة الحديثة”. وأوضح لـ”العربي الجديد”، أن “حكومة السوداني أرهقت مالية الدولة، لدرجة أن مسؤولين ونوابا مهمين يقرّون بعدم وجود سيولة مالية وأن رواتب الموظفين في خطر”. ولفت الحجيمي، إلى أن “الانجازات الحقيقية للدولة هي السيادة وحصر السلاح وتقوية القضاء وخلق دولة مؤسسات حقيقية وليست دولة أحزاب، وإنهاء طريقة المحاصصة في توزيع المناصب والوزارات وإبعاد الفاسدين والمتهمين بقتل العراقيين وتهديم منازلهم وتهجيرهم”، مستكملاً حديثه أن “العراق لا يزال يعتمد على النفط، ولم تتمكن حكومة السوداني ولا الحكومات التي كانت قبلها من صناعة بدائل عن النفط، وما تزال الصناعة متعثرة والزراعة في أدنى مستوياتها في العراق، فأين الانجازات والنجاحات؟”.
لايوجد تعليق